عام يفارقنا.. والأمل دائمًا فى المستقبل!
إيهاب الملاح
آخر تحديث:
الإثنين 3 يناير 2022 - 1:45 م
بتوقيت القاهرة
ــ 1 ــ
سيظل هذا العام المنقضى (2021) فارقا فى حياتى لأسبابٍ تتعلق بالكتابة والإنتاج الفكرى والثقافى، وقد شهد توقفى أيضا عن الكتابة فى هذه المساحة الحبيبة إلى قلبى (لأسباب تتعلق بالانتهاء من مشروعات مؤجلة)، وكذلك للظرف العام الذى شهده العالم كله، وما زال، وهو جائحة كورونا التى ما زالت تلقى بظلال ثقيلة وسخيفة بتحوراتها اللعينة التى لا تنتهى.
سيظل فارقا إذا نظرنا إلى مجمل ما تم إنجازه أو الانتهاء منه، بالرغم من أننى أصبت فيه بكورونا أنا وابنتى، ولم تكن تجربة لطيفة بالمرة، ندعو الله ألا تتكرر أبدا أو تعود، وندعوه ضارعين أن ينجينا من غمة الكورونا ومتحوراتها من سلالتها الملعونة.. آمين.
بالنظر إلى ما مضى وانقضى وطويت صفحته، فإن ثمة مرحلة انتهت، ومرحلة تبدأ لو قدر لنا الله العمر والصحة والقدرة والطاقة أن ننجز فيها بعض ما نحلم بإنجازه تأليفا (كتبا ودراسات) ومن كتابة دورية فى الصحف والمجلات والإصدارات الدورية المتخصصة.
ــ 2 ــ
شهد عام 2021 والحمد لله صدور ثلاثة مشروعات تأليفية أعتز بها أيما اعتزاز؛ فكل منها قطعة من حياتى، ومعايشة حقيقية لسنواتٍ طويلة أثناء مراحل الدرس والطلب والقراءة، كما أنها تمثل من وجهة نظرى جهدا متواضعا فى ملء فراغات كبيرة وواسعة فى حياتنا الثقافية والفكرية والأدبية المعاصرة. وطبعا كان هذا النشاط على حساب الكتابة الدورية ومعدلات القراءة المعتادة؛ وقد لاحظ كثيرون قلة ما كتبت عنه من كتب وروايات وإصدارات مقارنة بالأعوام السابقة؛ وأعتذر مقدَما عن هذا التقصير؛ فأنا بشر فى النهاية، ولا أملك سوى ما أستطيع القيام به فى حدود القدرة والطاقة والوقت. أما الكتب الثلاثة، فهى:
الكتاب الأول: «طه حسين.. تجديد ذكرى عميد الأدب العربى»، وصدر عن دار الرواق للنشر والتوزيع (إبريل 2021) ومنذ صدوره وأصداء تلقيه والاستجابه له أو حولها أظنها مرضية لأى كاتب أو مؤلف.
الكتاب الثاني؛ «على أجنحة السرد بين القصة والرواية.. مدخل نقدى»، وصدر فى يونيو 2021 عن منشورات إبييدى (لندن)؛ وهو الحلقة الأولى فى سلسلة حلقات مخصصة بكاملها للدرس النقدى المعاصر، والقراءات التطبيقية ومحاولة (تظل فردية ومتواضعة فى النهاية) لمواكبة طوفان الإبداع والأعمال الروائية والقصصية التى تنهال علينا يوميا بل فى كل ساعة ودقيقة وثانية!
أما الكتاب الثالث: «تناولات قصص الحيوان فى التراث العربى» الذى صدر فى سبتمبر 2021 عن إصدارات معهد الشارقة للتراث؛ فهو جهد بحثى متواضع يجمع بين الدراسة الأدبية والفولكلور ونقد النقد؛ وقد نال الكتاب منذ صدوره والحمد لله ثناء طيبا من المعنيين والمتخصصين فى المأثورات الشعبية والأدب الشعبى والنقد.
ــ 3 ــ
ولا أنسى أيضا أننى انتهيتُ أخيرا من إعداد كتابى الجامع عن الأستاذ نجيب محفوظ؛ والذى أدعو الله أن يظهر للنور خلال الفترة القادمة. وهو كتاب موجه إلى جمهور يرغب فى معرفة نجيب محفوظ وقراءته لكنه يتهيبه أو يتساءل كيف يمكن الاقتراب من هذا العملاق ومقاربة إنجازه الشاهق.
يحاول الكتاب أن يقدم إجابة مقترحة عن هذا السؤال، يأخذ بيد قارئه برفق ولين عبر الدروب والتشابكات وركام الكتابات والمؤلفات عن نجيب محفوظ التى تكاد لكثرتها تحجب المعرفة بمحفوظ وأدبه بالكلية! يحاول الكتاب أن يمهد الطريق وييسر السبيل للتعرف على محفوظ إنسانا ومبدعا ومفكرا بالرواية، وأن يقدم ما يشبه خريطة طريق ميسرة للبدء فى قراءة أعماله وفق خطة منظمة مرتبة سهلة يفضى بعضها إلى بعض بسلاسةٍ ويسر، ولا ينسى الكتاب أن يقدِم لمحات عن أهم المقاربات النقدية الرصينة الجادة حول أدب وإبداعات محفوظ العظيم.
ويأتى مسك الختام فى هذا العام بصدور طبعة الأعمال الكاملة (الشعبية) لنجيب محفوظ (صدرت فى ديسمبر 2021)؛ وهى الطبعة التى كان لى شرف المساهمة فى إعدادها وتوثيقها لتكون أوفى وأتم وأكمل طبعة لأعمال أديب نوبل العالمى الأستاذ نجيب محفوظ.
ولعل من بين الأبرز ثقافيا فى عام 2021 من وجهة نظرى، الجدل المثار حول انتقال حقوق نشر أعمال الأستاذ نجيب محفوظ من دار الشروق إلى غيرها؛ لا مشكلة فيه؛ فهذا طبيعى وحق مشروع لورثة الأستاذ نجيب محفوظ.. إنما كان اللافت أن الإعلان عن انتقال الحقوق قد صاحبه بيان وصفه الكثيرون بالركيك؛ لأنه يكرس لشكوك واتهامات بالتلاعب فى نص محفوظ من قبل ناشريه السابقين! وقد تصدى للرد على ذلك كل محبى وعشاق محفوظ بتأكيدهم أن نص محفوظ «محفوظ» بقوة الحضور والتداول والانتشار والمشاعية.. ولا يملك أحد ولا جهة مهما كانت الادعاء بأن نص محفوظ ناقص أو مشوه أو منتقص.. إلخ، ما جرى الإيهام به من خلال البيان وتداعياته.
ــ 4 ــ
وأخيرا، فإننى أنتظر بكثير من الفرح والفخر صدور الطبعة الأولى والكاملة من السفر العظيم للناقد والمفكر الراحل لويس عوض «تاريخ الفكر المصرى الحديث»، الذى يظهر ولأول مرة كاملا بقراءة وتقديم ودراسة كاتب هذه السطور؛ وهو إنجاز أعتز به وأفخر أيما اعتزاز وفخر؛ فمعايشة نص تأسيسى فى تاريخ الثقافة المصرية لما يزيد على خمسة أعوام، قراءة وتحليلا ودراسة ومقارنة ومراجعة وتدقيقا، وتحريرا ومضاهاة على النسخ الأولى والأصول المتاحة، أظنها تجربة رغم العناء الذى لاقينا والمشقة التى عانيناها فإنها تظل تجربة فريدة وثرية على كل المستويات ولا تتأتى لكثيرين.
وكل عام وحضراتكم بألف خير وسلامة وأمان.