حضن البابا والإمام
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 1 مايو 2017 - 9:50 م
بتوقيت القاهرة
الصورة العبقرية للحضن أو العناق الذى جمع الامام الاكبر شيخ الجامع الازهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان مساء يوم الجمعة الماضى، قد تكون صورة الموسم، بل ان البعض يقول انه يمكن ترشيحها لجوائز عالمية كبرى، بل وجائزة نوبل للسلام.
لسوء الحظ لم نستطع نشر هذه الصورة العالمية، فى عدد الشروق الصادر يوم السبت الماضى، لانه وبسبب ارتفاع اسعار الورق، ومستلزمات الطباعة، اتخذنا عدة اجراءات تقشفية منها اننا لم نعد نصدر الا طبعة واحدة. ولاننا مضطرون لارسال الصفحات باكملها لمطابع الاهرام، قبل الساعة الخامسة مساء، فإن أى خبر أو حدث يأتى بعد الرابعة عصرا لا نستطيع متابعته ونشره فى النسخة الورقية.
البابا فرنسيس وصل إلى مطار القاهرة فى الثانية والنصف عصرا، ومنه توجه إلى قصر الاتحادية حيث التقى بالرئيس عبدالفتاح السيسى، وتم التقاط الصور الرسمية. بعدها توجه البابا إلى الازهر وحضر جانبا من مؤتمر السلام، وفى نهاية اللقاء بادر البابا إلى الاقتراب من شيخ الازهر، وسلم بحرارة، وقام بمعانقته وحضنه.
هذه الصورة التاريخية لم تصلنا الا بعد انتهاء عملية الطباعة، وبالتالى لم نتمكن من نشرها فى عدد الشروق الورقى ليوم السبت، وتم وضعها على بوابة الشروق الالكترونية فى اللحظة التى وصلت فيها.
الكثير من الزملاء والاصدقاءبمن فيهم من يعرف اننا لا نطبع الا طبعة واحدة، وجه لنا لوما، وتصور اننا تعمدنا عدم نشر هذه الصورة التاريخية، مكتفين فقط بصورة البابا مع الرئيس. فى حين ان هذه الصورة الاخيرة جاءت فى وقت مبكر إلى حد كبير.
هذا الاضطرار إلى الطباعة المبكرة اولا، ثم وجود طبعة واحدة فقط، يفقدنا الكثير من الاخبار، وبالتالى فكل حدث يقع بعد الرابعة لا يمكننا تغطيته ورقيا، وصرنا نركز على نشره الكترونيا فى بوابة الشروق، فأرجو ان يكون هذا التوضيح كافيا لما حدث، ومفسرا لعدم نشر الاخبار التى تقع بعد الرابعة عصرا فى الطبعة الورقية.
نعود إلى الحدث نفسه وهو العناق التاريخى بين الرمز المسيحى الاول والرمز الاسلامى الاهم.
كان طبيعيا ان تهتم معظم وسائل الاعلام العالمية بهذه الصورة، وتراها صورة فارقة وتحمل العديد من الدلالات الجوهرية.
الصورة رصاصة قوية فى صدر المتطرفين من كل الاديان، ورسالتها ان اهم رمزين فى الاسلام والمسيحية يتعانقان ويتبادلان الابتسامات والضحكات، والصورة بهذا المعنى يمكن اعتبارها فتوى عالمية ضد كل الافكار المتطرفة هنا أو هناك، التى تفتى بغير علم أو قلب سليم عن عدم جواز المصافحة أو السلام أو العلاقة الانسانية الطبيعية بين ابناء الاديان المختلفة.
هى رسالة ايضا لكل الذين هاجموا شيخ الازهر، ووجهوا له العديد من الاتهامات، فالرجل الذى يرحب برمز المسيحية الاول ويعانقه يصعب كثيرا اتهامه بموالاه المتطرفين، او عدم تحمسه لتطوير الخطاب الدينى.
لقاء البابا والامام يبعث برسالة قوية خلاصتها ان قادة الاديان الروحيين يمكن ان يلتقيا ويتفقا، لكن المشكلة الاكبر هى الصراعات السياسية التى تسخر الاديان لخدمة مصالحها الضيقة.
للاسف الشديد فان التعصب الدينى هو افضل حصان يمتطيه السياسيون والافاقون والمتطرفون من اجل تحقيقى مصالحهم، مستغلين جهل البسطاء وعدم وعى الكثير من المتعلمين وسلطان الدين القوى فى النفوس. وبالتالى فان الحل الحقيقى هو تطوير الخطاب فى كل الاديان، وفضح متاجرة السياسيين بالاديان، واذا كنا نشكو من هذه الظاهرة فى الاسلام، فان قادة العدو الصهيونى هم افضل من تاجروا وما يزالون باليهودية والخرافات التلمودية لتحقيق مصالح سياسية.