مرحى لنا حرية الكورة!
خولة مطر
آخر تحديث:
الأحد 1 يوليه 2018 - 10:00 م
بتوقيت القاهرة
الحريات الباقية لك كعربى هى أن تشجع البرازيل أو ألمانيا فقط..
هذا ما تبقى من الحريات للعربى، كل أمر آخر يجرم عندما يصبح القضاء بيد رجالات السياسة رغم كثرة حديثهم عن استقلالية القضاء.. تبقى الحرية المتاحة الوحيدة هى أن ترفع علم بلد فريق الكرة التى تحب وتبقى رغم ذلك لست عرضة للاعتقال أو المطاردة أو الحكم بالحبس والغرامات المالية أو الاختفاء القسرى أو ــ وهذا أضعف الإيمان ــ الرحيل بعيدا عن الأوطان التى كتمت الحريات أكثر خوفا من ربيع قصير حل على بعض الميادين وما إن عمت الفرحة وحضرت التدخلات والأموال والسلاح والتطرف، حتى رحل كالسراب.
***
هنا ليست مساحة للنوح والبكاء على حريات هى أصلا كان عمرها فى تاريخنا قصير، ولكنها للتذكير بأننا لا نزال بعيدين جدا عن تنمية لا تكبر وتزدهر دون حريات وخاصة حرية التعبير والحق فى الحصول على المعلومة والمشاركة فى صنع القرار والنقد والمحاسبة مع قبل أجهزة رقابية مستقلة والأهم قضاء عادل فعندما يعرف المواطن أنه يستطيع أن يحصل على حقه عبر قضاء نزيه هنا يبدأ الإحساس الأول بالمواطنة الحقيقية وليست تلك المزيفة المغلفة بشعارات شعبوية وتجييش وتعبئة ضد الآخر وخطاب كراهية لا يمكن أن ينتج سوى مزيد من التطرف والدم الذى لم يجف منذ أوائل التاريخ الأول!
يبقى البعض يترحم حتى على تلك المرحلة التى فتح فيها المجال لأن يقول الكثيرون ما يشاءون فى الصحف وعلى شاشات التلفزة وفى المقاهى الشعبية منها و«المعولمة» وهم يفعلون ما يشاءون ويستمرون فى ممارسات لم تثمر سوى مزيد من التهميش والإحساس بالغبن حتى عم الظلم.
***
كان ذاك الشاب فى الشهر الأول من 2011 ينظر لذلك المبنى وهو يحترق ويقول كم من الظلم ارتكب بداخله.. كم هناك حكايات لجدران سجلت صرخات وأنين المعذبين.. كم هناك من ملفات وأوراق كلها زيفت وكم من أرواح زهقت.. ينظر للمبنى مرة أخرى والدمع ملىء عينه، ويكرر ربما هى العدالة الإلهية ربما؟ فلم يبق أمل بمن هم على الأرض! ولكن فرحته كما فرحة الآخرين لم تطل كثيرا، فربما احترق ذلك المبنى ودفن كل الذكريات إلا تلك الممارسات التى ما لبثت أن عادت سريعا تتسلل من بين خطابات التخويف من الآخر وشيطنة التيارات والتنظيمات والفئات المجتمعية.. حتى الفقراء أصبحوا هم الكارثة على الأوطان وليسوا الضحايا!
ضاقت مساحات الحرية المسموح بها، حتى بتنا نحتفل بالفتات الذى يرمى بين الفينة والأخرى، لنا نساء ورجال وشباب ونحن نسمع خطابات ممجوجة عن التقشف وأن الدولة لم تعد قادرة على تحمل أعباء المواطنين وليست مسئولة عن تشغيلهم وتوفير فرص العمل لهم حتى المتعلمين منهم هم عالة على البلد كما يقولون! ولم يعد مسموحا أن يقوم أحد الباحثين والمختصين فى علم الاقتصاد السياسى بطرح السؤال الأزلى لماذا كانت الدولة «صاحب العمل» الأكبر فى هذه الأوطان الريعية؟ ألم يكن ذلك ضمن العقد الاجتماعى عندما قيل للمواطن «سنوفر لك كل احتياجاتك المادية اليومية مقابل صمتك وعزلتك وتهميش رأيك وسكوتك عن السؤال المكرر الذى يبدو اليوم وكأنه الجرم الأكبر»، أين ذهبت كل تلك الأموال وعوائد النفط والغاز والتجارة والسياحة الدينية منها وغيرها؟!
يقول ذاك السياسى المخضرم ماذا نفعل لشعوب لا تعرف سوى أن تنجب أكثر فأكثر؟ ألم يسمعوا بتحديد النسل فى الأمم المتقدمة؟ فيعود الخطاب القديم المتجدد بأن الإشكالية فى عدم تقدم مجتمعاتنا وتخلفها التنموى عن كل مجتمعات الكون، هى الشعوب وكثرة الإنجاب وكثرة المطالب وأحيانا وصمها بأنها شعوب كسولة و«مد لله».. عجبى!!.
***
شعوب لم يبق لها من حرية إلا بعض هواء ملوث وماء شحيح أو هو الآخر ملوث وكهرباء تنقطع أكثر من أن تتصل! وفرص عمل توزع حسب الولاءات وليس حسب الكفاءات وأنظمة تقاعد تتلاشى بعد «تحويشة» العمر!! وأطفال لا مدارس لهم سوى الفصول والمدارس غير الآدمية أو الخاصة بالتكاليف العالية ومستوصفات ومستشفيات الداخل لها مفقود والخارج مولود، وهنا أيضا العلاج الخاص مرتفع التكلفة المتاح للأثرياء فقط.. وسجون مكتظة وجامعات تخرج أنصاف المتعلمين.
هذه الحريات المتاحة للعربى اليوم وليس لهم سوى العودة إلى كأس العالم وتشجيع الأفرقة غير العربية.