الدين والذكاء الاصطناعي
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 1 يوليه 2025 - 7:45 م
بتوقيت القاهرة
فى إحدى الندوات منذ شهرين أو أكثر قليلًا التقيت نائبًا سلفيًا فى البرلمان، تجمعنى به مشاعر مودة، أردت أن أمازحه فقلت له: قريبًا يا مولانا قد تصلى خلف روبوت. فابتسم مستنكرًا، فقلت له: لا تنزعج سوف يؤم المصلين، ويخطب فيهم، ويفعل كل ما يرضيهم. ولا تستغرب قد تجده يؤدى الصلاة أيضًا فى الكنيسة. نفس الروبوت يصلى هنا وهناك. فقال لى متوجسًا: ربنا يحفظنا من الأيام المقبلة.
بالتأكيد نطلب من الله الحفظ والحماية، لكن علينا أن نفعل ما يجب علينا فعله. منذ أيام أطلق الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، رسائل تحذير تجاه الذكاء الاصطناعى فى علاقته بالدين، وهو تحذير ليس نابعًا من خوف أو توجس تجاه المستقبل، بقدر ما يرجع إلى إدراك عميق بضرورة الاستعداد لتحولات المستقبل بالتفكير والدراسة والبحث. اللافت أن هذا التحذير أطلقه من قاعة المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى. ما أكد أن الفرص والتحديات التى يحملها الذكاء الاصطناعى تستدعى تعاونًا إسلاميًا مسيحيًا من أجل الجيلين الحالى والمستقبلى. ومما لا يخفى على كثيرين أن الدكتور نجم مثقف رصين، خبير فى العلاقات الإسلامية المسيحية، له حضور دولى. ليس فقط فى مجال الافتاء ولكن فى تتبع الظواهر الدينية فى مختلف الأديان والثقافات. وقد تمخض عن حديثه اتفاق سريع على عمل مشترك إسلامى مسيحى فى هذا المجال، ليس هذا فحسب، بل إن الدكتور إبراهيم نجم أعلن عن قرب انتهائه من وضع دليل للشباب فى التعامل مع الذكاء الاصطناعى. وأكد على الفور الأنبا إرميا رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى دعمه له.
عجت القاعة بالحضور، مهتمين ومشتغلين بالعمل العام ومثقفين مسلمين ومسيحيين، وأدار الندوة الكاتب هانى لبيب رئيس تحرير موقع مبتدأ. بالتأكيد فإن الإعلان عن بدء نشاط إسلامى مسيحى فى مجال الذكاء الاصطناعى خطوة مهمة، تتطلب الجدية والمهنية، بحيث لا تقتصر على المشتغلين بالخطابات الدينية، بل تضم إلى جوارهم خبراء ومتخصصين فى هذا المجال، بهدف الالتقاء بين معارف وعلوم مختلفة ينتج عنها فهم متبادل، وعمل مشترك، ولا يغلب عليه آفة النفس القصير التى عانينا ونعانى منها فى كثير من القضايا.
أمسية لطيفة، ساد فيها حوار ونقاش، انتهت بإعلان الأنبا إرميا عن اتفاق المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى مع جهة أكاديمية أمريكية لتنظيم دورات للشباب المصرى فى مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعى. قد تشكل فى ذاتها خطوة على طريق الاهتمام بهذا المجال، ولاسيما مع اتساع نطاق دراسته بالجامعات، وتزايد الأنشطة والفعاليات حوله، وهو ما يفتح الباب أمام الشباب المصرى بأن يكون منتجًا وفاعلًا وليس فقط مفعولًا به، خلاف لما دأبنا عليه فى عالمنا العربى. بأن نكون متلقين لا فاعلين إزاء كل جديد فى عالم التكنولوجيا والإبداع، منذ الثورة الصناعية حتى الثورة الرقمية وانتهاء بالذكاء الاصطناعى نستورد ونستخدم، ولا نمتلك أدوات الاختراع ولا سر الصنعة.