احذروا الوقوع فى مصيدة ترامب!!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأحد 2 مارس 2025 - 6:40 م
بتوقيت القاهرة
ما فعله الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونائبه جى دى فانس مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلنسكى يوم الجمعة الماضى فى البيت الأبيض يفوق الخيال، رغم أنه تكرر كثيرا فى العلاقات الدولية من قبل، لكنه لم يخرج للعلن بالصورة التى شاهدها الكثيرون.
الاندهاش مما حدث دفع مجلة الإيكونوميست البريطانية المحافظة إلى وضع ترامب على غلافها مانحة إياه لقب «الدون» أو كبير زعماء المافيا وخلفه عدد من كبار زعماء العالم الذين يفضلهم ترامب لقوتهم أو استبدادهم أو ثرواتهم.
ترامب نصب كمينا لزيلنسكى فى البيت الأبيض، ولأول مرة على حد علمى يتم طرد زعيم أجنبى من البيت الأبيض بعد أن رفض التوقيع على صفقة المعادن النفيسة، مطالبا بضرورة وجود ضمانات أمنية أمريكية فى أى مفاوضات مع روسيا بشأن تسوية الأزمة.
ترامب وفانس وبخا زيلنسكى علنا وقالا له بوضوح عليك أن توقع على الصفقة وعليك أن تتصالح مع روسيا لأن أوراقك ضعيفة، وعليك أن ترد ديون الولايات المتحدة وأن تشكرها على مساعداتها لكم.
المهم ما يهمنا كعرب او حتى بقية العالم ان نفكر فيما حدث مليا حتى لا يكرر ترامب هذا الأسلوب الشوارعى مع أى مسئول عربى.
ما الذى سيمنع ترامب أن يفعل ذلك؟!
أظن لا شىء، خصوصا أن أوكرانيا مهمة جدا للولايات المتحدة، وكانت الوسيلة التى تم بها حصار واستنزاف روسيا منذ سنوات طويلة، وهى التى ورطت روسيا أساسا فى هذه الحرب، وحينما يتخلى عنها الرئيس الأمريكى بهذه الصورة الفجة، فالمؤكد أنه قد يكرر ذلك مع أى زعيم أو رئيس أو مسئول فى المستقبل خصوصا إذا تعلق الأمر بإسرائيل وعدوانها وكيفية حل الصراع العربى الإسرائيلى.
من بين ما قرأت تعليقا على واقعة البيت الأبيض ما جاء فى موقع «أساس» اللبنانى الذى كتب يقول: «ما حدث جرس إنذار يتعين على جميع رؤساء العالم أن يدركوا مغزاه وعنوانه ومضمونه، وأنه لا أمان لكل من يتلقى دعما أمريكيا بأن يجرى التعامل معه كمدين عليه سداد الدين من كرامته ومما فوق أرضه وما فى باطنها من ثروات..
الجرس قرع فى أوروبا، وقبله قرع فى الشرق الأوسط، وعلى المنطقتين تدبر أمرهما، بعد أن كشر ترامب عن أنيابه مهددا بافتراس أوروبا أو بيعها أو تأجيرها، بعد أن كاد يفترس منطقتنا بمحاولة فرض تهجير الملايين من سكان غزة وتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة مخيمات جديدة للاجئين جدد.
مشادة ترامب وزيلنسكى ليست مجرد مشادة كلامية بين رئيسين، بل تجسد بداية لعهد خطير يكون فيه الدائن سيدا والمدين عبدا، وعلى الدول المرشحة لإهانات مماثلة امتلاك الإمكانيات الفعلية لإنقاذ نفسها وهيبتها قبل أن تقع الفأس فى الرأس».
انتهى الاقتباس وظنى أن على كل قادة العالم التدبر مما حدث. وبالتالى على كل مسئول أجنبى يتم دعوته لزيارة البيت الأبيض أن يكون جاهزا بأوراقه وأفكاره وخططه المحددة، والأفضل أن يكون قد تم الاتفاق على كل التفاصيل بين المسئولين فى الإدارات المختلفة خصوصا الخارجية، بحيث تكون الزيارة فقط لالتقاط الصورة التذكارية، أما الاعتقاد بأنه يمكن مناقشة ومجادلة ترامب بالمنطق والحكمة والحقوق فقد رأينا نتائجه يوم الجمعة الماضى فى البيت الأبيض.
وبالطبع فالأفضل أن أى دولة تفكر فى التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة عليها أن تدرك ضرورة أن يكون لديها أوراق قوة وضغط، حتى لا تتحول إلى فريسة فى يد ترامب وإدارته.
مصيدة زيلنسكى فى البيت الأبيض تقول لنا الكثير فى العلاقات الدولية، لكنها بالمناسبة ليست اختراعا جديدا العالم يعيش بمنطق القوة منذ بداية الخليقة، لكن الجديد فقط هو أن ترامب يستخدم الأسلوب نفسه ولكن على الهواء مباشرة.
ترامب لا يؤمن بأى شىء إلا القوة والصفقات.
مصيدة يوم الجمعة مليئة بالدروس والعبر وعلينا جميعا خصوصا العرب التدبر والتفكر والدراسة الهادئة المنظمة حتى لا نجد أنفسنا فى موقف زيلنسكى.