الجهاز العجيب فى مطار تورنتو
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 2 يونيو 2016 - 10:05 م
بتوقيت القاهرة
فى الثامنة والنصف من صباح الأحد الماضى بتوقيت كندا «الثانية والنصف ظهرا بتوقيت القاهرة» دخلت مطار تورنتو الدولى للسفر الداخلى إلى العاصمة السياسية أوتاوا. حركة السفر كانت هادئة إلى حد ما، ربما لأن اليوم هو عطلة نهاية الأسبوع، وربما لأن الوقت كان مبكرا.
كنا أربعة صحفيين مصريين متوجهين برفقة الدكتور مجدى القاضى رئيس الكلية الكندية فى القاهرة «سى آى سى» إلى أوتاوا للاطلاع على التجربة الكندية فى التعليم.
أنهينا إجراءات الصعود إلى الطائرة «البوردينج»، بصورة سلسة وسريعة. ثم اكتشفنا أن طابور الفحص الأمنى طويل قياسا على حركة السفر الهادئة. قبل أن نصل إلى فحص الاسكانر فوجئ معظمنا بشىء جديد لم نره من قبل. موظف يتحرك. فى الطابور قبل وصول الراكب إلى الفحص، يمسك فى يده جهازا «رفيع» وصغيرا طوله لا يزيد على عشرة سنتميترات يختار بعض الركاب بطريقة عشوائية. يضع الجهاز على جواز السفر وكارت البوردينج ثم يمرر الجهاز على باطن يد الراكب وعلى منطقة الوسط فوق حزام البنطال ثم على الحذاء. بعدها يضع هذا الجهاز فى جهاز أكبر قليلا مثبت على طاولة، فيقوم الجهاز الأخير بإصدار إشارة بنتيجة الفحص. الموظف اختار أحدنا لإجراء الاختبار، ولم تستغرق هذه العملية منذ بدايتها إلى نهايتها أكثر من دقيقة. الاختيار عشوائى تماما حيث رأيت الموظف ذا البشرة السوداء يختار رجالا ونساء كبار وصغارا، بيضًا وملونين وسودا.
السؤال الطبيعى هو: ما هى وظيفة هذا الجهاز؟. هو جهاز لكشف المتفجرات. سيقول البعض وما الجديد؟!.
الجديد أنه يستطيع الكشف عن آثار وبواقى وغبار أى متفجرات تعامل معها الراكب قبل سفره خصوصا إذا كان لمسها بيده أو بقدمه أو بملابسه.
انتهت هذه العملية وعندما وصلنا إلى الاسكانر الأساسى، وضعنا كل شى تقريبا داخل الجهاز. الموظف طلب من زميلى علاء ثابت رئيس تحرير الأهرام المسائى، أن يفحص حقيبته الهاندباج. وبعد أن فعل، أعاد ترتيب الأشياء كما كانت وودعه بابتسامة متمنيا له سفرا آمنا.
لماذا أحكى هذه الحكاية، التى قد تبدو لكثيرين بسيطة أو عبثية أو حتى تافهة؟!.
لأننا ندفع كل يوم الكثير بسبب جنون الإرهاب الذى صار فادحا، ولا يمكن التنبؤ بما سيقدم عليه لاحقا.
كثير منا لا يعرف خطورة الإرهاب، والأكثر خطورة أن بعضنا يدعمه ويلتمس له الأعذار بحسن نية فى كثير من الأحيان.
فى كل مرة أسافر بالطائرة، أدعو الله أن ينتقم من الإرهابيين الذين أساءوا إلى الإسلام، جعلوا الحياة أكثر صعوبة لملايين الناس فى العالم الذين يسافرون يوميا. وأغلب الظن أنهم ينظرون الينا كعرب ومسلمين باعتبارنا سبب كل ما يحدث لهم من مآس أو كوارث أو تضييق على حياتهم اليومية وحركة تنقلهم.
لم نكن نشعر بشىء فى السفر قبل كارثة ١١ سبتمر ٢٠٠١. كانت الحياة بسيطة، وفجأة تغير كل شىء. ثم اكتسفنا أن الجنون لا حدود له. كان التفتيش وقتها ذاتيا، ثم تطور إلى منع السوائل، وبعدها صرنا نخلع الجواكت والسترات ثم الأحذية لأن أحد الإهابيين وضع بودرة أو مسحوق مادة متفجرة فى حذائه، ثم وصلنا إلى بصمة العيون، وأحيانا يتم عمل مسح أو اسكانر لكل جسم الإنسان بما يجعله عاريا تماما أمام رجال الأمن والمفتشين، ولا نعرف ما هى الإجراءات الجديدة، التى يمكن أن نتفأجا بها مستقبلا؟!
من حسن الحظ وفى البلدان التى تحترم حقوق الإنسان فعلا وقولا، وليس بالكلمات فقط، يتم تسخير التكنولوجيا للتخفيف من الإجراءات واختصار الوقت والجهد والبهدلة، كما حدث فى الجهاز الجديد الذى رأيناه فى مطار تورنتو الكندى. أتمنى أن تدرس وزارة الطيران المصرية وشركة مصر للطيران كل التجارب العالمية ذات الصلة حتى تخفف أكبر قدر ممكن من هموم المسافرين خصوصا أن مستوى الانضباط فى المطارات المصرية يشهد تحسنا متواصلا.