معركة طائفية مفتعلة لنسيان فلسطين
علي محمد فخرو
آخر تحديث:
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
لا تترك القوى الخارجية الاستعمارية – الصهيونية والقوى الداخلية المجنونة حدثًا فى الأرض العربية دون أن تحاول خلط الحابل بالنابل من أجل إضاعة أصل وأسباب الحدث وتوجيهه لخدمة مصالحهم الاستعمارية أو الانتهازية.
هذا ما نراه أمامنا حاليًا حاصلًا بالنسبة لموت القائد التاريخى للمقاومة اللبنانية منذ بضعة أيام على يد جيش الكيان الصهيونى فى الضاحية الجنوبية من بيروت.
الأصل الذى يراد نسيانه هو الوجود اللاشرعى للاحتلال الاستئصالى الصهيونى لفلسطين وتاريخه الطويل من القتل والإذلال والتهجير، ومؤخرًا حدوث ما وصفته محكمة العدل الدولية والمنظمات الحقوقية والإنسانية بالإبادة الإجرامية فى غزة والضفة الغربية لآلاف الأطفال والنساء الأبرياء من شعب فلسطين، وما تبعه من تدمير وقتل جنونى حقير لبيئة وشعب لبنان بصور هولوكوستية بشعة لم يرَ العالم مثلها. المطلوب هو وضع كل تلك الحقائق والصور البشعة جانبا واستبدال ذلك الأصل بإثارة معركة عبثية مذهبية طائفية فيما بين الشيعة والسنة.
فجأة تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعى بحضور صاخب لبعض جهلة الشيعة الذين يريدون أن يجعلوا ما حدث فى الضاحية الجنوبية مأساة حسينية كربلائية أخرى بدلًا من رؤيتها كفاجعة نضالية للمقاومة العربية البطولية، فيردّ عليهم بعض جهلة السنة بتعابير الاستهزاء والشماتة بالحدث المفجع. وإذا بنا ننساق إلى ما يريده الإعلام الاستعمارى - الصهيونى وأعوانه فى الخارج والداخل من جعل العالم، الذى اكتشف مؤخرًا بشاعات الصهيونية بأقسى وأحقر صورها وغيّر قناعاته السابقة بشأن ديموقراطية ومدنية ومظلومية الوجود الصهيونى فى فلسطين المحتلة، من جعله ينسى تعاطفه مع مآسى وحقوق شعب فلسطين لتحلّ محلّ تلك الصورة صور البلادات والمماحكات التاريخية المذهبية الطائفية فيما بين بعض مكونات المسلمين العرب، من الذين بقصد أو دون قصد ينتهون إلى إيذاء وتهميش الموضوع الفلسطينى برمّته، وهو ما تسعى إليه القوى الصهيونية وحلفاؤها الأمريكيون والأوروبيون.
ذلك أن بقاء الهولوكوست الصهيونى بحق الشعب الفلسطينى حيّا فى عقول ونفوس شعوب العالم قد يصرف نظر العالم، ولو مؤقتًا، عن تذكر الهولوكوست النازى، وهو قميص عثمان الذى لن يتعب الصهاينة من رفعه عبر القرون من أجل ابتزاز ضمير العالم، وجعله يقبل جرائم الاحتلال الدموى فى فلسطين المحتلة.
من هنا الأهمية القصوى لأن يعى شباب وشابات العرب والمسلمين غير العرب ما يخططه هذا البعض ويتجنبوا الدخول فى فخّ هذه المؤامرة. إذ إن أشدّ ما يحتاجه الشعب الفلسطينى فى محنته الجديدة الحالية هو وجود مقاومة متماسكة مستمرة شريفة حامية له من الإبادة اللا إنسانية اللا أخلاقية التى تخطط لتنفيذها خطوة خطوة قوى اليمين الصهيونى المجنونة بدعم، مع الأسف الشديد، من قبل المسيحية الصهيونية الأمريكية ونظام الحكم الذى يأتمر بأمرها ومن قبل أنظمة حكم بعض دول أوروبا الغربية الاستعمارية مثل إنجلترا وفرنسا، ومن قبل ألمانيا التى تريد أن تعوّض عن ذنوبها النازية بالتضحية بشعب فلسطين البرىء الذى لا ذنب له إلا أن يكون موجودًا فى أرض آبائه وأجداده، الأرض التى تتعامل الصهيونية بها وبشعبها من خلال أساطير دينية ملفّقة لا يسندها اليهود الشرفاء ولا التاريخ المعروف.
إن هذا الزج الدائم بالقضايا الطائفية المذهبية والدينية وبالمماحكات القبلية والعرقية من أجل خلط الأوراق وتشويه كل ما هو نبيل فى الحياة السياسية العربية يحتاج إلى أن يُرفض بصوت عالٍ لا غمغمة فيه من قبل الشباب والشابات المناضلين الشرفاء.