حكاية الحضارة..
      
        
        
          حسن المستكاوي 
      
      
      
        آخر تحديث:
        الأحد 2 نوفمبر 2025 - 7:25 م 
        بتوقيت القاهرة
      
      ** بدأت حكاية الحضارة، بسؤال ساخر من أجنبى إلى الوزير الفنان فاروق حسنى: «أخبار مخرن التحرير إيه»؟ رد الفنان: سنبدأ فى بناء متحف كبير. لم يكن فاروق حسنى عرض الأمر على الرئيس مبارك، لكنه بروح الفنان وخياله صمم على الفكرة وطرحها على الرئيس مبارك، وحسب روايته لقناة العربية، بعد فترة توجه مع الرئيس مبارك والمشير حسين طنطاوى إلى منطقة الأهرامات واختاروا موقع بناء المتحف ووضع الرئيس مبارك حجر الأساس فبراير 2002. وفى يونيو 2003 فاز التصميم المُقدم من شركة هينجهان بنج للمهندسين المعماريين فى إيرلندا. وتعطل المشروع لظروف كثيرة حتى افتتاح المتحف فى الأول من نوفمبر 2025.
 
** حلم الوزير الفنان فاروق حسنى أصبح حلم الدولة المصرية، والحلم أصبح قرارا وإرادة من الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى إطار البناء والتنمية فى شتى الاتجاهات. فالمتحف رسالة حضارة، والمتحف بناء لصناعة السياحة، والمتحف قوة ناعمة لمصر وللمصريين، نعم نستطيع أن نبنى ونعمر ونتقدم. وعلى مدى ساعتين عدنا خمسة آلاف عام إلى الوراء، بإبداع ثلاثة عباقرة مصريين، وهم الملحن هشام نزيه والمخرج مازن المتجول ومهندس الديكور محمد عطية. وأضيف لهم آلاف المهندسين والعمال وكل منهم ساهم بحبات العرق والعمل فى بناء متحف الحضارة. وقد تحول موقع الحفل إلى مسرح مكون من الأهرامات والسماء والآثار، ويتحرك الأبطال على أنغام أوركسترا ضخم بقيادة المايسترو نير ناجي، وامتزجت أنغام الآلات والطبول وأيادى العازفين بأصوات الموهوبين فاطمة سعيد وشيرين طارق ورجاء الدين وحنين شاطر وياسمينا العبد، والغناء يبدو قادما من وسط السحاب ومن ساحات المعابد، بكلمات تبدو مثل نداءات قادمة من خمسة آلاف عام، وفى المزيج رهبة وعظمة وإيقاع الفراعنة فى زمن الرحابة والسعة. وبكلمات ليتها ترجمت وعرضت على الشاشة أثناء الغناء. 
** النجوم كان منهم الفنانة شيريهان وأميرة ومريم أبو زهرة حفيدتا الفنان الكبير عبد الرحمن أبو زهرة، ومسرح الحفل اتسع ومزج المخرج بين الواقع أمام الضيوف، والبعيد عبر شاشات كى يختلط القديم بالحديث، فى استعراض للحن واحد تعزفه الشعوب من اليابان إلى قلب إفريقيا ومن باريس إلى ريودى جانيرو. وتقدم الشاشة عرضا لثراء هندسة البناء فى الحضارة المصرية وفى حاضرها، فتعرض على الشاشة المعابد وهندسة البناء عند قدماء المصريين، وهندسة البناء الإسلامية من القلعة إلى شارع المعز، ثم هندسة القرن الواحد والعشرين بالعاصمة الإدارية. لكن مصر التى احتضنت التنوع فيها الكنائس بجوار المساجد، وفيها أصوات السبرانو والتنور فيها أيضا صوت قادم بطعم طمى النيل الأسمر وهو الفنان النوبى أحمد إسماعيل. 
** الحاضر فاطمة سعيد أخذت تخاطب المستقبل وتحكى له قصة الأجداد. والمستقبل هو الطفل الذى أخذ يتجول فى المتحف بين قاعاته وصالاته يتعرف على الأجداد القدماء. والمستقبل عليه أن يدخل الحاضر مسلحا بمعارفه عن تاريخ وحضارة البلاد والأجداد. 
** الهندسة المصرية نقلت تمثال رمسيس الثانى من ميدانه عند محطة مصر حيث سكن منذ عام 1955 إلى موقعه الجديد فى المتحف الكبير مستقبلا زواره. وكانت عملية النقل عملا شديد الدقة والإتقان مثلما نقلت الهندسة المصرية مركب خوفو بحرص شديد لأنه من مادة عضوية الخشب وعمره 4600 عام. وجرت عملية النقل إلى موقعه الجديد فى المتحف الكبير، عبر عربة عملاقة ذكية تتحرك بالريموت كونترول. 
**الافتتاح بث طاقة إيجابية فى نفوس المصريين الذين تحولوا إلى فراعنة، وعاشت مصر حالة فرحة وبهجة قبل الحفل وخلاله وبعده وسط شعور عام بالفخر. وكان طفل المستقبل يسأل: كيف بنى الأجداد الأهرامات؟ كيف بنوا المعابد؟ كيف صنعوا هذا القناع الذهبى بألوانه الزاهية التى عاشت ثلاثة ألاف عام؟.. كيف وكيف؟.. وتلك حكاية الحضارة.