كرّموا مجيد طوبيا.. الذى نسيناه!
إيهاب الملاح
آخر تحديث:
الجمعة 3 أغسطس 2018 - 10:20 م
بتوقيت القاهرة
أسعدتنى جدا مبادرة الكاتب فتحى سليمان التى أعلنها على صفحته الشخصية على «فيسبوك» الأسبوع الماضى لتكريم المبدع الكبير القدير، وأحد أبرز وأهم كتاب جيل الستينيات الشهير، مجيد طوبيا (مواليد 25 مارس 1938 فى المنيا) صاحب الروائع والأعمال التى لا تنسى.
صحيح أن أستارا كثيفة من الإهمال والنسيان واللا مبالاة طالت أديبنا الكبير فى العقود الأخيرة (باستثناء ومضات فردية مشعة؛ يتولاها محبوه وعارفو قدره، من إشارة هنا أو بادرة هناك للتذكير بالقيمة والإنجاز والتاريخ الكبير) لكن ليس معنى هذا أن تظل هذه الحالة المخزية من الإهمال والنسيان مستمرة وموغلة فى التمادى، حالة مخزية طالت وتطال العديد من مبدعينا وكتابنا وأعلامنا الكبار فى جميع المجالات، أفنوا طاقة أعمارهم فيما أخلصوا له أدبا وفكرا وعلما ومضوا لا يلوون على شىء ولا ينتظرون شيئا!
ما أحزننى بشكل كبير أن هذا الاسم الذى كان ملء السمع والبصر فى سبعينيات وثمانينيات وبعض تسعينيات القرن الماضى ظهرت أجيال يدعى أغلبها أنهم مبدعون وكتاب ومؤلفون ويتباهون بما ينشرونه من روايات وقصص وهم لم يسمعوا على الإطلاق باسم مجيد طوبيا (ولا غيره حتى من أسماء جيل الستينيات التى قدمت إسهامات لا يمكن إغفالها فى تاريخ النوع الأدبى الروائى والقصصى فى أدبنا العربى المعاصر) وإذا سألتهم: هل قرأتم شيئا لمجيد طوبيا أو عبدالله الطوخى أو عبدالفتاح رزق أو أحمد الشيخ أو على الأقل قرأتم العمل الأبرز لهؤلاء (ولكل اسم مما مضى عمل أو اثنان على الأقل لا يستقيم لقارئ جاد محب للأدب فضلا على ممارسة الكتابة بوعى أن يهمل هذه الأعمال أو لا يكون قد سمع بها أو قرأ عنها شيئا).
هذا المبدع القدير، الذى فيه من عناوين رواياته الكثير مما يجسد بعضا من طباعه وخصاله الإنسانية، فتننى برائعته المنسية «تغريبة بنى حتحوت»، وكانت تنشر على حلقات كل يوم جمعة (لا أذكر بالدقة فى أى عام؛ لكننى أستطيع الإشارة إلى أنها كانت تنشر فى أواخر الثمانينيات أو أوائل التسعينيات بالتقريب وغالبا ما كان أحدهما إلى بلاد الجنوب والأخرى إلى بلاد الشمال. صدرت الرواية بعد ذلك فى طبعة أنيقة عن دار الشروق، وفى طبعة تالية عن دار سعاد الصباح عام 1991).
كنت أنتظرها بفارغ الصبر ليلة الجمعة، أمكث بالساعات جوار بائعة الجرائد حتى تصل عربة (الأهرام) وتسلمها نسخ الجمعة العامرة بالصفحات، وضمنها الملحق الثقافى الذى كانت تنشر الرواية على صفحاته الأولى..
لم أكن أستطيع صبرا حتى الوصول إلى المنزل، بجوار بائعة الجرائد أجلس على الرصيف وأفتح الصفحات وأشرع فى القراءة، ولا أكاد أعى بما حولى حتى تنتهى الحلقة بسردها وسحرها وعالمها المتخيل المبهج، وبتلك القدرة العارمة على التخييل والوصف ورسم المشهد بكل تفاصيله التى تجعله ماثلا أمام عينيك كأنك تشاهد فيلما سينمائيا رائعا.
وعندما أعود إلى المنزل كنت أقص الصفحات الخاصة بحلقات الرواية وأجمعها فى أرشيف خاص ما زلت أحتفظ به حتى اليوم فوق سطوح بيتنا القديم بجوار بين السرايات والجامعة. كانت أياما رائعة؛ فيها ما نتذكره ونسعد حين نتذكره، ولله الأمر فى كل حين وعلى كل حال!
من هنا بدأت رحلتى مع مجيد طوبيا والبحث عن أعماله ومنها مجموعاته القصصية المهمة:
«فوستوك يصل إلى القمر» (1967)، و«خمس جرائد لم تقرأ» (1970)، و«الأيام التالية» (1972)، و«الوليف» (1978)، و«الحادثة التى جرت» (1987)، و«مؤامرات الحريم وحكايات أخرى» (1997)، و«23 قصة قصيرة» (2001).
أما الروايات التى قرأت عددا منها فى مجلد قديم صدر عن الهيئة العامة للكتاب؛ فكانت:
«دوائر عدم الإمكان» (1972)، و«الهؤلاء» (1973)، و«أبناء الصمت» (1974)، و«غرفة المصادفة الأرضية» (1978)، و«حنان» (1984)، و«عذراء الغروب» (1986)، و«تغريبة بنى حتحوت» (إلى بلاد الشمال 1987 وإلى بلاد الجنوب 1992)، وإلى بلاد البحيرات وإلى بلاد سعد، وصدرت الأجزاء الأربعة عام 2005.
كذلك له قصتان للأطفال: «مغامرات عجيبة»، و«كشك الموسيقى» (1980)، ومسرحية هزلية: «بنك الضحك الدولى» (2001)، ودراسات: «غرائب الملوك ودسائس البنوك» (1976)، و«التاريخ العريق للحمير» (1996)، و«ديانا ومونيكا»، و«عصر القناديل» عن يحيى حقى وعصره (1999)..
وللحديث متصل عن ذلك المبدع الكبير الذى أهملناه..