الحرب الروسية الأوكرانية تُحيى ذكريات الحرب الباردة

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: السبت 3 سبتمبر 2022 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

نشر مركز «نادى فالداى الروسى للحوار» مقالا للكاتب أندرى سوشينتسوف بتاريخ 22 أغسطس تناول فيه ضرورة الاستفادة من دروس وخصائص الحرب الباردة لتجنب أهوال ما نعيشه الآن.. نعرض من المقال ما يلى.
صرح وزير الخارجية الأمريكى بلينكن فى مقابلة حديثة له، أن حقبة ما بعد النظام العالمى ثنائى القطب قد ولت وأننا نواجه الآن حقبة جديدة، تجاوزت التنافس الروسى الغربى الذى اتخذ شكل أزمات إقليمية، مدفوعة بالعداء المتبادل من كلا الجانبين. لا يسع المرء إلا أن يتفق مع تقييم وزير الخارجية، على الرغم من تجاهل الولايات المتحدة لأهمية هذه الحقيقة. أشار الكاتب إلى أن أمريكا لا تزال تمارس استراتيجية استفزازية تجاه روسيا، مثل طرد الدبلوماسيين الروس والسماح لنفسها استخدام خطاب عدائى إزاء روسيا.
أظهرت جولة جديدة من التصعيد العسكرى فى أوكرانيا أن نظام العلاقات الدولية يستمد ملامحه الحالية من نظام «المواجهة» فى الحرب الباردة الذى يتميز بعدة خصائص. أولا، كانت المواجهة بين الاتحاد السوفيتى وأمريكا مشبعة بديناميكيات الصراعات المحلية التى عرفت باسم «حروب بالوكالة»، أى تنافست القوى العظمى مع بعضها البعض من خلال عملائها. يذكرنا الصراع الأوكرانى أيضا بالأزمات التى نشبت فى أعقاب انهيار القطبية الثنائية مثل أزمة حصار برلين. ثانيا، وقعت الحرب الباردة فى إطار مواجهة أيديولوجية يصعب المقارنة فيها بين الاتحاد السوفيتى وأمريكا. اليوم، تنقسم الساحة الدولية بين نظام القطبية الواحدة والنظام العالمى الجديد متعدد الأقطاب من ناحية أخرى.
• • •
أدت الحرب الباردة إلى ظهور ظاهرة الصراع المؤسسى، أى إنشاء آليات ووسائل لإدارة المواجهة بين الأطراف المتحاربة، وهو نظام يُدعى «قواعد اللعبة» فى قاموس لغة السياسة الدولية.
وأوضح الكاتب أن كل أزمة نشبت فى تلك الحقبة فى جوهرها تتبع قواعد نظرية تدعى «لعبة ذات المجموع المتغير»، وهو مصطلح يطلق فى السياسة الدولية يوضح حالة يمكن أن يستفيد فيها كلا الجانبين المتعارضين. أما نظرية «الخطوة قبل الأخيرة» لسلوك النزاع تستلزم وجود حوافز استراتيجية لتصعيد الحالة إلى أقصى درجة، لكن دون اللجوء إلى الحل العسكرى. إضافة إلى بناء الردع النووى على أساس مبدأ «اللا عقلانية المعقولة»، أى إقناع العدو بأن الطرف الآخر سيتخذ بالفعل الخطوة الانتحارية للتصعيد النووى، إذا لزم الأمر. واسترسل الكاتب فى القول أن الحرب الباردة تميزت بظهور عقيدة ألا وهى عدم التدخل فى شئون كتلة مجاورة.
وأشار الكاتب إلى أنه يمكن تسمية تاريخ العلاقات الدولية فى النصف الثانى من القرن العشرين بـ«معمل اختبار» لنخب دراسة السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة. من خلال دراسة هؤلاء النخب للعديد من الأزمات البارزة بين الاتحاد السوفيتى والغرب، يمكن الاستشهاد بأزمتى برلين ومنطقة البحر الكاريبى، وكذلك أزمة الصواريخ الكوبية فى الثمانينيات، عندما واجه الطرفان المتعارضان الاحتمال الحقيقى للحرب العالمية الثالثة، كأكثر الأمثلة لفتًا للنظر التى تشكل تجربة المواجهة السوفيتية الأمريكية. اليوم، يتغاضى المؤرخون بشكل غير عادل عن «أزمة السويس»، التى أسفر حلها عن خسارة كل من بريطانيا العظمى وفرنسا لقب القوى العظمى.
وعلى الصعيد الآخر، لم يقتصر تاريخ المواجهة ثنائية القطب على الصراع بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية. ففى الخمسينيات من القرن الماضى، أظهر التحالف السوفيتى الصينى تصدعاته الأولى، والاتجاه تدريجيا إلى الحرب. ولأول مرة فى التاريخ، اشتبكت القوتان النوويتان فى جزيرة دامانسكى، ولأول مرة منذ عام 1941، دخل حرس الحدود السوفييت فى معركة مع الجيش النظامى لدولة مجاورة.
اختتم الكاتب المقال، بالإشارة إلى لجوء كل من روسيا والغرب إلى استخدام أفضل مبادئ حقبة القطبية الثنائية الاستراتيجية للضغط العسكرى والسياسى والاقتصادى فى محاولة لتقويض قدرة المنافس على البقاء متغاضين عن الكوارث الناجمة عن هذا الضغط. يرى الكاتب أنه يجب العودة إلى ممارسات المنافسة الحكيمة، حيث الاستفادة من مكاسب نظرية «اللعبة ذات المجموع المتغير»، والتقييم المسبق لحدود تصعيد «الخطوة قبل الأخيرة»، واستيعاب إشارات «اللا عقلانية المعقولة»، لاتقاء شر ما نعيشه اليوم. وختاما، سيكون تاريخ الحرب الباردة المرجع الرئيسى فى مثل هذا البحث.

ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمر

النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved