الطلاب والاستحقاق الرابع
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الثلاثاء 3 نوفمبر 2015 - 10:20 ص
بتوقيت القاهرة
بفتح باب الترشيح لانتخابات الاتحادات الطلابية تدخل الجامعات المصرية، بعد طول انتظار، مرحلة مهمة واختبار جاد وإجابة صادقة عن سؤال: إلى أين وصلنا فى قضية مشاركة الشباب فى العمل العام؟ بعد أن أولى غالبيتهم ظهره للعمل السياسى، كما رأينا فى المرحلة الاولى لانتخابات مجلس النواب.
جذب الطلاب واغرائهم وتشجيعهم على الانخراط فى العمل العام يعد الاستحقاق الرابع، وخارطة طريق تمكن الشباب، فعلا لا قولا، من تولى المسئولية فى بلد 60% من سكانه هم من الشباب، وهو ما يضع على صناع السياسة عبئا حقيقيا، إذا كنا نسعى للخروج إلى آفاق أرحب للبناء والتطور، وبحيث نعبد طرقا جديدة تخلصنا من حالة عدم الرضا والاحباط، خاصة فى صفوف الشباب الذين صنعوا ثورة يناير، وكانوا جزءا لا يتجزأ من ثورة 30 يونيو.
الانتخابات الطلابية فرصة لتأكيد مصداقية الدولة فى حديثها المتكرر عن رغبتها فى الوصول إلى القطاعات الشبابية وإقناعها بأهمية العمل العام، وبما يخلق توازنا بين فئات المجتمع، وحتى لا يقف العمل السياسى على قدم واحدة، فرقصة التانجو تحتاج إلى شريك، والشباب هم شريك مهم، إن لم يكن الأهم، فى المعادلة السياسية التى ظهر اختلالها مع عزوف الناخبين عن صناديق الاقتراع فى المرحلة الاولى من الانتخابات النيابية التى لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 26% على أقصى تقدير.
نريد تفتحا للزهور وليس قطفا لها، وبالتالى نتوقع انتخابات طلابية بعيدة عن يد الإدارة وتدخلات الأمن البغيضة التى كانت القاسم المشترك للانتخابات الطلابية فى سنوات نظام مبارك البائد، وأن يفتح المجال أمام جميع الطلاب للتعبير عن آمالهم وطموحاتهم وبرامجهم فى خدمة أنفسهم وزملائهم أولا وبلدهم ثانيا، باعتبار أن الانتخابات بمثابة مختبر لصقل المهارات القيادية التى ستصب مستقبلا فى نهر النشاط العام عقب مغادرة الطالب أسوار الجامعة إلى الشارع السياسى الأكثر رحابة.
طبعا لا نريد تناحرا حزبيا داخل الحرم الجامعى، لكن لا نريد أيضا حجرا على التفكير، ولا تضييقا على الاختيار أو محاربة للقناعات طالما كان التعبير عنها سلميا، ولدى أصحابها استعداد على مقارعة الحجة بالحجة، وليس بالعنف والإرهاب، فبعد ذلك ليس من حق أى أحد أن يملى على غيره ما يتبناه من آراء أو أفكار، تمثل فى النهاية طرقا للتعامل مع التحديات والمشكلات التى نعانيها كمجتمع تحمل كثيرا من أجل الإفلات من براثن التخلف، والجهل، والمرض، والاستبداد.
وكما أن الانتخابات الطلابية فرصة لاستعادة جزء من ثقتهم فى مؤسسات الدولة، ومدى حرصها على فتح الأبواب أمام الأجيال الجديدة لامتلاك ناصية المستقبل، أرى أنها فرصة أيضا لفتح ملفات كانت سببا فى حالة الخصام مع قطاع عريض من الشباب، فقد آن الأوان للتسريع فى فتح ملف المحبوسين من الطلاب على ذمة قانون التظاهر، وأن يعاد النظر فى بقاء هؤلاء خلف القضبان، طالما أن أحدا منهم لم يستخدم العنف وسيلة للتعبير عن مواقفه.
هى فرصة أيضا، ونحن على اعتاب امتلاك مجلس للنواب، أن نتخلص من قانون التظاهر المعيب الذى فتح أبواب الشقاق بين القوى السياسية والحركات الشبابية من ناحية، والدولة من ناحية أخرى، وبعد أن أجمع كثيرون على رفض مواده التى تضيق الخناق على التظاهر السلمى، وتفرغه من مضمونه، رغم أنه حق أصيل من حقوق الإنسان.