«نساء محرمات»..
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 4 فبراير 2022 - 9:10 م
بتوقيت القاهرة
لا أعرف لماذا اهتمت السينما المصرية كثيرا بمسألة المحرمات الجنسية فى قصص الأفلام المصرية التى تم إنتاجها فى فترة الخمسينيات، حيث إن هناك علاقات بالغة الجرأة قدمت على أيدى مخرجين يهتمون بالمقام الأول بخطايا الجسد البشرى، ومنهم حسن الإمام ومحمود ذو الفقار والسيد بدير، وفى هذا الإطار فإن فيلم «زمن العجايب» يدور حول امرأة تحاول إغراء زوج ابنتها نعمة وإن تأثرت لنفسها، وفى فيلم «رنة الخلخال» فإن محمود ذوالفقار يروى قصة رجل عجوز يتزوج من فتاة صغيرة ترمى بشباكها حول ابنه الوحيد وتطلب من القابلة أن تأخذ وليده كى تقنع زوجها بأنها ابنه.. وفى فيلم «غلط حبيبى» فإن هناك علاقة عشق كاملة بين الشاب «عمر الشريف» وزوجة الرجل الذى رباه، وتنجب منه طفلا يتولى أبوه تربيته مع زوجته التى هى أيضا ابنة الرجل الكبير، جسّد حسين رياض فى هذا الفيلم شخصية الرجل العجوز الذى يتزوج من امرأة ناضجة تحمل من الشاب قبل أن يتم اكتشاف العلاقة، ولأن السينما تنافس نفسها فإن محمود ذوالفقار منح نفسه شخصية لحسين رياض لفيلمه «نساء محرمات»، وجعل الربيب «صلاح ذو الفقار» عاشقا للزوجة اللعوب، تصعد إلى غرفته على السطح وتخون زوجها معه، ومثلما فى «غلطة حبيبى» فإن الشاب العاشق دون أن يعرف يطلب الزواج من ابنة عشيقته وتتعقد الأمور وتنكشف العلاقات ويعود العجوز إلى امرأته القديمة.
هذه العلاقات المعقدة لم تقدمها السينما بنفس الحماس فيما بعد وحتى الآن، ومن الواضح أن السينما المصرية لم تكن تعرف ما يسمى مصطلح «للكبار فقط» فى تلك الآونة، علما بأن الموضوعات التى تقدمها السينما لا تناسب الصغار الذين عليهم أن يبدأوا حياتهم بمشاهدة قصص رومانسية عادة بتوالف الأحبة، أما الأفلام التى ذكرناها فإن مصائر الأبطال تنتهى بكوارث كبرى، وهى نتاج هذه العلاقات المحرمة والخيانات الفادحة، وبشكل عام فإن العاشق الرجل لا يدفع الثمن، أما المرأة الخائنة فإنها بالغة البشاعة.
وفيلم «نساء محرمات» من بطولة هدى سلطان، كان بمثابة نقطة تحول للممثلة المطربة التى تحول إلى أدوار الإغراء قد فعلت ذلك بكفاءة واضحة فى العام نفسه 1952، وهى تقوم بدور لواحظ فى فيلم «امرأة فى الطريق» الذى يدور أيضا حول موضوع المحرمات، فلواحظ ترمى بجسدها فى أحضان صابر وهو أخ زوجها، ما يدفع إلى الصراع بينهما على طريقة هابيل وقابيل، ترى ما سر هذا القدر من المحرمات فى واحد من أبرز عقود السينما، بل إن الأخوين ذوالفقار ــ عز ومحمود ــ قد قدما هذه النوعية وهما من أصحاب شهريات السينما الرومانسية التى نعرفها، يبدو أن السينما قد لفظت مثل هذه النوعة من الأفلام، ولكن هذه الأفلام موجودة على شاشات التليفزيون المصرى والعربى، وتعرض على شاشات التليفزيون المصرى والعربى دون أى رقابة، وشهادة على مرحلة ممتدة من المحرمات فى الأفلام المصرية، والغريب أن تلك المحرمات كانت موجودة فى أفلام تدور فى الأحياء الشعبية والمناطق السكنية للفقراء، وعلى حد علمى فإن أبناء الطبقات العليا لم تسهمم فى هذه الأفلام باعتبار أنهم يعيشون فى مساكن ضيقة، ما يستدعى تلاحم الأجساد المحرمة وتلك ملحوظة بالغة الأهمية.
فيلم نساء محرمات من بطولة صلاح ذو الفقار فى دور الشاب الذى تربى على يدى رجل عجوز لم يرزقه الله بأبناء وصار مثل ابنه، وعن طريق إحدى نساء الحى فإنه يتزوج من امرأة ذات تجارب، لكنه لا يستطيع إشباعها وتضع عينيها على ربيبه وتسعى إليه فى غرفة السطح، إنها الشخص الذى يعرف الحقيقة، حتى تصدم بحضور ابنتها للعيش معها، وتقع فى غرام عشيق أمها التى تقف ضد زواجهما بالمرصاد، يا لها من جرأة اتسم بها محمود ذو الفقار الذى أخرج أغلب أنواع الفيلم فى فترة وصلت إلى ثلاثة عقود.