أولادنا المدمنون لألعاب الفيديو!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 4 يوليه 2019 - 10:15 م
بتوقيت القاهرة
من أهم الأخبار التى قرأتها أخيرا ما نشرته صحيفة «التليجراف» البريطانية قبل نحو شهر، ومفاده أن منظمة الصحة العالمية صوتت على تصنيف «إدمان ألعاب الفيديو» باعتبارها نوعا جديدا من المرض. لكن لماذا حدث هذا التطور؟!.
فى التقرير التفصيلى الذى نشرته التليجراف فإن هذا التصويت يأتى فى وقت تشير فيه مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن الشباب يواجهون اضطرابات نفسية نتيجة إدمان ألعاب الفيديو، وضربت مثلا بلعبة «فرونت نايت» لأنها تتضمن مشاهد عنيفة. أحد الأسباب أيضا أن فحوصات بالرنين المغناطيسى كشفت عن روابط بين الاكتئاب وإدمان ألعاب الفيديو، إضافة إلى وجود مؤشرات على أن تأثير الألعاب على أدمغة الأطفال يشبه تعاطى المخدرات أو إدمان الكحول.
وطبقا للخبر الذى نشرته صحيفة «الشروق» قبل شهر نقلا عن التليجراف فإن منظمة الصحة العالمية أدرجت فى يونيو الماضى، اضطرابات ألعاب الفيديو فى المراجعة الحادية عشرة لتصنيفها الدولى للأمراض.
تعريف المنظمة لذلك أنه «نمط سلوك اللعب المستمر أو المتكرر» وقد يكون ناجما عن ضعف التحكم فى تواتر وشدة ومدة اللعب وزيادة الأولوية الممنوحة للألعاب على الأنشطة والالتزامات اليومية الأخرى.
هذا هو الخبر الذى أراه مهما لغالبية الأسر فى العالم تقريبا، بعد أن صار الشباب مدمنين فعلا للألعاب.
شخصيا فإن هذه المشكلة موجودة فى بيتى. ابنى الأكبر يقضى ساعات طويلة كل يوم أمام هذه الألعاب. تحدثت معه كثيرا فى الأمر، بكل الطرق الودية. وأرسل له بصورة متكررة كل الأخبار والتقارير التى تحذر من خطورة هذا الموضوع. هو يتفهم ويقتنع ويعدنى بتخفيف وتقليل أوقات الجلوس أمام الشاشة، لكنه لا يصمد طويلا. هو يحاججنى دائما بأنه طالما متفوق فى دراسته، فمن حقه أن يستمتع بهذه الألعاب، وكنت أجد كلامه منطقيا إلى حد ما!.
كنت أشترى له الألعاب بنفسى كمكافأة له على تفوقه الدراسى، ظنا أنها مجرد أدوات للتسلية، لكن وبعد أن أدركت خطورتها، توقفت عن ذلك تماما، وبدأت رحلة طويلة لإقناعه بالتوقف عنها، أو على الأقل تقليل وقت ممارسته لها. لكن للأسف أقر وأعترف بأننى لم أسجل الحد الأدنى من النجاح فى هذه المهمة التى صرت أراها شبه مستحيلة!!.
من الأشياء والتطورات الجيدة هو تأكييد شركة مايكروسوفت بأنها تحاول وضع مزيد من السيطرة فى أيدى الآباء على مقدار الوقت الذى يمكن أن يقضيه أطفالهم فى ممارسة تلك الألعاب. الشركة وحسب مدير عام قطاع الألعاب فيها، قالت إنها وضعت الكثير من الضوابط، بحيث يمكن للآباء الاستفادة من إدارة أشياء مثل وقت الشاشة واستخدام اللعبة.
أتصور أن هذا موضوع شديد الأهمية، ينبغى أن يخضع لنقاشات مطولة وعميقة، للبحث فى كيفية التصدى لهذا الإدمان. القمع والعنف والعقاب المباشر، ليس هو الحل لإيقاف الأطفال والشباب عن هذه العادة التى صارت مرذولة وجالبة للعديد من الأمراض والقيم السيئة. ينبغى أن نفكر فى وسائل مختلفة، فى مقدمتها ضرورة إيجاد بديل يشغل هؤلاء الأطفال والشباب، خصوصا أن معظمهم لم يعودوا يمارسون أى نوع من الرياضة، فيجلسون بالساعات أمام الشاشات فيصابون بكل أنواع الأمراض من ضعف النظر إلى تقوس الظهر نهاية بالاكتئاب والتعود على استسهال ممارسة العنف، كما شاهدنا فى حوادث متعددة بعدد كبير من بلدان العالم فى السنوات الأخيرة.
السؤال: هل هناك من حل حقيقى لهذا الفيروس الخبيث الذى يهدد مستقبل غالبية شبابنا؟.