الفرق بين مبارك والأسد
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأحد 4 سبتمبر 2011 - 9:14 ص
بتوقيت القاهرة
كلما زاد توحش آلة قتل بشار الأسد ضد الشعب السورى، كلما سمعت كثيرين فى الشارع المصرى يقولون بثقة: «نحمد الله أن رئيسنا كان مبارك وأنه يبدو ملاكا بالمقارنة مع كل من بشار أو القذافى».
يضيف هؤلاء أن مبارك ونظامه قتلا أقل من ألف مصرى فقط خلال أحداث الثورة، وان مستوى الخسائر البشرية كان قليلا مقارنة بما يحدث فى الثورات الأخرى، والسبب من وجهة نظرهم أن مبارك «كان طيبا وقلبه على شعبه».
هذه الأفكار ومثيلاتها تتكرر كثيرا هذه الأيام وهى ليست مقصورة على أنصار مبارك، بل تسمعها من بعض البسطاء لدرجة تحولت عند البعض إلى حقائق.
وهذا الكلام المكرر قائم على فكرة محورية مفادها أن مبارك رفض أن يطلق النار على شعبه، وانه فضل التنحى وكان يمكنه أن يستمر كما فعل الأسد، لكنه خشى من حمامات دم وحرب أهلية بين الشعب والجيش أو بين الجيش والجيش.
مثل هذا التزييف كان يمكن أن يصدقه السذج فى الأيام الأولى لتنحى مبارك، لكن وبعد أن صارت الحقائق تتكشف يوما بعد يوم، فإن ما بات مؤكدا هو أن مبارك لم يكن هو الملاك الذى ضحى بنفسه من أجل شعبه.
أولا: نظام مبارك هو الذى قتل بدم بارد نحو ألف مصرى فى أقل من 18 يوما فى حين أن كل ما قتله المجرم الأسد نحو ألفى شخص فى أكثر من خمسة شهور، ونفس العدد أو أقل فى اليمن فى نفس الفترة. أى أن نظام مبارك عمليا كان أكثر إجراما.
ثانيا: إن الذى عجل بسقوط مبارك لم تكن طيبة قلبه بل انهيار جهازه الأمنى بصورة مريعة أمام غضبة الشعب.
ثالثا: إن مبارك طلب عمليا من الجيش أن يضرب الشعب.. وهذا الطلب تكرر بأكثر من صيغة إحداها أنه قال للجيش بوضوح «شوفوا لكم صرفة» وهو أمر مباشر بتطهير ميدان التحرير.
رابعا: إن النظام الذى يملك قناصة وأجهزة أمن سرية، وعلاقات مشبوهة بأجهزة أمن عالمية، ونفشل حتى الآن فى فك لغز القناصة الذين قتلوا الشهداء، لا ينبغى أن يحدثنا عن التضحية من أجل الشعب.
خامسا: العامل الحاسم فى كل
المسألة أن الجيش هو الذى رفض طلب مبارك بالاصطدام بالشعب وذلك هو الذى أنهى الأمر.
لو حدث ذلك لا قدر الله كانت الثورة ستنجح فى نهاية المطاف، لكن الوقت كان سيطول والخسائر ستكون فادحة.
سادسا وأخيرا: إذا كان السذج يتحدثون عن أن مبارك كان مختلفا عن الاخرين، فلماذا لم يلفت نظرهم أكثر أن الشعب المصرى هو المختلف، لماذا لم يتحدثوا عن العامل الحضارى، عن تراكم الخبرات والثقافات، عن الرصيد السياسى الذى راكمته القوى السياسية طوال الفترة الماضية.
المستبدون طينة واحدة.. قد يكون هناك بالطبع فرق فى الدرجة لكنهم جميعا «من نفس القطعية»، لا يرون إلا أنفسهم، يتعاملون مع الشعب وكأنه كم مهمل وعليه ان يحمد الله ان هؤلاء الحكام الحكماء قبلوا ان يحكموه.
الخلاف بين مبارك والقذافى ليس كبيرا جدا طالما أن الاثنين يحتقران الشعب وإرادته. مبارك لم يكن مختلفا عن أى مستبد آخر. الذى كان مختلفا هو الشعب المصرى بكل حضارته وخبرته ودهائه ووحدته.
من أجل كل ذلك، رجاء حار إلى الاخوة المخدوعين أو المخادعين: أوقفوا هذه الاسطوانة المشروخة، وكفى صداعا.