حجة ترامب الأخيرة للناخبين: الفاشية
العالم يفكر
آخر تحديث:
الأحد 4 نوفمبر 2018 - 11:55 م
بتوقيت القاهرة
نشرت مجلة «NEW REPUBLIC» الأمريكية مقالا للكاتب « MATT FORD» يتناول فيها السيناريوهات المحتملة للانتخابات النصفية فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتصريحات ترامب ومواقفه بشأن العديد من القضايا ومنها على سبيل المثال قضية المهاجرين وقانون الجنسية الأمريكية.
لم يتبق سوى أيام قليلة على انتخابات التجديد النصفى الأمريكية، وخوف دونالد ترامب يتصاعد حيث تشير معظم استطلاعات الرأى إلى أن الديمقراطيين قد يكون لديهم القدرة على استعادة السيطرة على مجلس النواب. ومن ثم، سيتمكنون من إطلاق موجة من التحقيقات فى الفضائح الموجهة لترامب والتى تمكن حلفاءه الجمهوريين فى الكونجرس من تجاهلها. ولكن من غير المرجح أن يفوز الديمقراطيون أيضا بمجلس الشيوخ، ولكن إذا حدث ذلك، فسيكون لديهم حق النقض (الفيتو) على كل مرشح من المرشحين القضائيين والتنفيذيين لترامب وحتى عام 2020.
ويكافح الجمهوريون من أجل الإبقاء على احتفاظهم بالسلطة بعد عامين من السيطرة على الحكومة؛ حيث إنه عادة ما يفقد حزب الرئيس مقاعده خلال أول انتخابات نصفية، كما أن انخفاض شعبية كل من برنامج ترامب والأجندة التشريعية للحزب الجمهورى لن تساعدهم على الحفاظ على سيطرتهم على الحكومة.
وهكذا، يحاول ترامب استخدام أساليب مختلفة مع الناخبين لإيصال رسائله؛ حيث يستخدم خطابا فيه مزيج من القومية والسلطوية، يركز بشكل كبير على قضية المهاجرين وخاصة القادمين من أمريكا الوسطى. ويشبههم بـ «الغزو» الأجنبى، ويستخدم ذلك لتبرير إجراءات استثنائية. ووضع ما يقرب من خمسة آلاف جندى على الحدود مع المكسيك ــ رغم أن مهمتهم محدودة ومسرحية إلى حد كبير ــ كما أنه يفكر فى إصدار أمر تنفيذى بإغلاق الحدود الجنوبية على طالبى اللجوء.
***
ثم بعد قضية المهاجرين تواترت الأنباء عن أن ترامب يدرس إصدار أمر تنفيذى من شأنه أن يعيد من جانب واحد تفسير التعديل الرابع عشر لإلغاء حقوق المواطنة، وهو مبدأ أساسى ومستقر فى الديمقراطية الأمريكية وأحد أكبر الجدالات القديمة فى الدستور الأمريكى.
ويضيف الكاتب أن أى هجوم على حقوق المواطنة المكتسبة بشكل خاص يجعلنا نتوقف عن الحديث عن الديمقراطية الأمريكية. لطالما ندد السياسيون الجمهوريون هذه الممارسة ــ قانون المواطنة الأمريكى ــ لأنه ينطبق أيضا على المهاجرين غير الشرعيين الذين لديهم أطفال على الأراضى الأمريكية. نجد أنه خلال انتخابات 2016، تحدث العديد من المرشحين الرئاسيين فى الحزب الجمهورى عن أنهم يمكنهم اتخاذ خطوات للحد من ذلك من خلال التشريعات. وتحدث مايكل أنتون ــ مساعد ترامب للأمن القومى سابقا ــ فى مقال نشر فى جريدة الواشنطن بوست عن أن الرئيس يمكنه أن يأمر الحكومة الفيدرالية بتجاهل جنسية المولود بموجب أمر تنفيذى.
ومن الجدير بالذكر أن أنتون ليس متخصصا فى القانون؛ حيث إن شرط المواطنة رقم 14 فى التعديل مختصر وواضح ولا لبس فيه وينص على أن «جميع الأشخاص المولودين أو المتجنسين فى الولايات المتحدة، ويخضعون لولايتها القضائية، هم من مواطنى الولايات المتحدة والولايات التى يقيمون فيها». ويجادل أنتون بأن المهاجرين غير الشرعيين لا ينطبق عليهم ذلك لأنهم ليسوا «خاضعين للولاية القضائية» للولايات المتحدة. لكن علماء القانون يتفقون على أن هذا النص كان يهدف إلى استبعاد أطفال الدبلوماسيين الأجانب الذين يتمتعون بالحصانة من القوانين الأمريكية وبالتالى لا يخضعون للولاية القضائية الاتحادية.
ويثير أنتون حجة أخرى وهى أن واضعى التعديل الرابع عشر لم يقصدوا تطبيق شرط المواطنة على المهاجرين غير الشرعيين بشكل عام، إلا أن محادثاتهم خلال مناقشة التصديق تشير إلى خلاف ذلك؛ حيث «لا يوجد فى النص أو التاريخ ما يشير إلى أن واضعى التعديل قصدوا التمييز بين فئات مختلفة من الأجانب»؛ حيث إن النص والتاريخ يشير إلى أن بند المواطنة يتعلق بجميع الأشخاص الخاضعين للقوانين الأمريكية، بغض النظر عن العرق أو الأصل الأجنبى».
***
ومن الجدير بالذكر أن أجزاء كبيرة من الدستور الأمريكى تخضع لنقاش كبير وتفسير من قبل المجتمع القانونى الأمريكى إلا أن شرط الجنسية ليس واحدا منهم. ففى قضية حدثت عام 1898 بين الولايات المتحدة و«ونغ كيم آرك»، حكمت المحكمة العليا بأن ابن المهاجرين الصينيين المولود على تراب الولايات المتحدة حصل تلقائيا على الجنسية الأمريكية عند الولادة، على الرغم من أن قانون الاستبعاد الصينى يعنى أن والديه لا يمكن أن يحصلوا على ذلك الحق أبدا لأنفسهم. ويبقى هذا الحكم قانونلا فى الولايات المتحدة. ولم يطعن على ذلك إلا قلة من القانونيين.
وتم تصميم بند المواطنة جزئيا لإلغاء حكم المحكمة العليا سيئ الصيت لعام 1857 فى قضية دريد سكوت ضد ساندفورد، والتى قضت بأن أحفاد العبيد الأفارقة لا يمكنهم أبدا أن يصبحوا مواطنين أمريكيين. وكان الجمهوريون الراديكاليون الذين صاغوا التعديل الرابع عشر يأملون فى بناء ديمقراطية متعددة الأعراق بحق على رماد الأرستقراطية الراكدة التى فقدت بسبب الحرب الأهلية. لقد سعوا إلى التراجع عن قوانين الدولة العنصرية التى تم إقرارها بعد التحرر والتى حاولت استعادة النظام القديم بواحد جديد. فالتعديل الرابع عشر وجد ليضمن استبعاد موضوع الجنسية الأمريكية إلى الأبد عن نطاق النقاش العام بحيث لا تعتمد أبدا على النزوات العابرة للأغلبية الانتخابية المؤقتة.
لكن ترامب وحلفاءه معادون لهذه الفكرة، فليس سرا أن سياسات الهجرة فى عهد ترامب ترسخ لكراهية المهاجرين غير البيض. فيردد ترامب دائما «لماذا نأتى بكل هؤلاء الأشخاص من دول الخرافات إلى هنا؟».
لقد استخدم ترامب وحلفاؤه كل الطرق الممكنة لتشويه سمعة المهاجرين المحتملين. أكد ترامب أن هناك «بعض الأشخاص السيئين» بينهم، بما فى ذلك «المجرمين». كما حذر من وجود «بعض الشرق أوسطيين»، وهو اختزال عنصرى واضح للإرهابيين، قبل أن يعترف فى وقت لاحق بأنه لا يملك أى دليل على ذلك.
إن تأجيج هذه الأحقاد يمكن أن يكون له عواقب كارثية. فى الأسابيع الأخيرة، تم الحديث عن أن قافلة المهاجرين شجعت من قبل المسئولين الديمقراطيين والناشطين الليبراليين والمستثمر الملياردير جورج سوروس على تعطيل الانتخابات النصفية. وفى الأسبوع الماضى، تم القبض على أحد أنصار ترامب الذى زعم أنه أرسل رسائل بريدية تهديدية إلى سوروس، وإلى منازل رؤساء سابقين، وخصوم سياسيين آخرين للرئيس.
وبالرغم من كل ذلك لم تمنع موجة العنف ومحاولات الاغتيالات ترامب من الحديث بشكل سيئ عن المهاجرين وعن خصومه، لقد أصبح أكثر جرأة فى جهوده لفرض رؤية أضيق على حدود الحياة المدنية الأمريكية بإصراره على أنه يستطيع مراجعة تعريف الدستور للمواطنة من خلال أمر تنفيذى، إن الرئيس يفترض سلطة غير مسبوقة لتحديد من هو أمريكيا ومن هو ليس أمريكيا. ستحدد انتخابات الأسبوع المقبل التكوين المستقبلى لمجلس النواب ومجلس الشيوخ وحكام الولايات. وقد يقررون أيضا التكوين المستقبلى لأمريكا نفسها.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلي