انقسام الديمقراطيين بشأن المساعدات العسكرية لإسرائيل
مواقع عالمية
آخر تحديث:
الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 11:25 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع Forward مقالا للكاتب Peter beinart يتناول فيه الجدل الدائر الآن حول المساعدات العسكرية غير المشروطة لإسرائيل والدعوة إلى ضرورة تقييدها وربطها بسياستها تجاه الفلسطينيين.
فى مؤتمر J Street المنعقد الأسبوع الماضى، تحدث «بيرنى ساندرز» عن أنه سيخبر الحكومة الإسرائيلية أنه «إذا كانت تريد مساعدات عسكرية، فسيتعين عليها تغيير علاقتها جذريًا بشعب غزة». ووعد «Pete Buttigieg» بضمان أن التمويل الأمريكى سوف يذهب إلى أشياء تتوافق مع أهداف الولايات المتحدة والقانون الأمريكى بدلا من كونها تذهب إلى تعزيز بناء المستوطنات». وقالت السيناتور «إليزابيث وارين» فى رسالة مسجلة، أنه «يتعين على أمريكا إيجاد طرق لممارسة الضغط ووضع عواقب للمشاكل السلوكية التى ترتكبها إسرائيل».
لقد أصبح استخدام المساعدات الأمريكية كأداة لتغيير السياسة الإسرائيلية موقفا ديمقراطيا سائدا بين عشية وضحاها تقريبا. ولفهم مدى دراماتيكية هذا، لابد من إعادة النظر فى التاريخ الحديث.
فى عام 2016، وافق باراك أوباما على منح إسرائيل 38 مليار دولار كمساعدات عسكرية على مدى 10 سنوات ــ وهى زيادة كبيرة مقارنة بالصفقات السابقة على مدار 10 سنوات، والتى بلغ مجموعها 30 مليار دولار ــ دون مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بتغيير السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بأى طريقة.. ولقد فعل ذلك على الرغم من أن نتنياهو رفض علنا دعوة أوباما لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وهاجم صفقة أوباما.
أما بالنسبة للمرشحة الديمقراطية والتى كانت ستحل محل أوباما فى ذلك العام، هيلارى كلينتون، أضافت أنه على الرغم من ذلك إلا أن أوباما لم يكن متصالحا بما يكفى مع نتنياهو. وفى كتابها الصادر عام 2014، «الخيارات الصعبة»، تحدثت عن أنه من الضرورى التواصل مع القائد الإسرائيلى «كصديق» بدلا من جعله يشعر بأنه «محاصر». وفى عام 2015، تعهدت بدعوته إلى البيت الأبيض فى شهرها الأول إذا تم انتخابها. وفى عام 2016 أعلنت أنها «ستعارض بشدة أى محاولة من قبل أى أطراف خارجية لفرض حل، بما فى ذلك من قبل مجلس الأمن الدولى».
***
كان ذلك قبل ثلاث سنوات فقط.. ومنذ ذلك الحين تغير الجدل الديمقراطى حول إسرائيل بشكل جذرى مثل النقاش الديمقراطى حول الرعاية الصحية والهجرة وحظر امتلاك الأسلحة والتعويضات. وجزئيا، يمكن أن يرجع ذلك إلى أن جيل الألفية الذين يميلون إلى اليسار فى القضايا الداخلية هم أيضًا أكثر يسارية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. ويعود السبب جزئيا إلى أن حجة نتنياهو أن أفضل طريقة لإنشاء دولة فلسطينية هى أن تدعم أمريكا إسرائيل دون قيد أو شرط. وفى الواقع، لقد زاد دعم أمريكا غير المشروط فى عهد ترامب، وأصبح أكثر عنصرية وسلطوية ومكرس للاحتلال الدائم للضفة الغربية.. كما أن بينى جانتس خليفة نتنياهو المحتمل لم يتحدث مطلقا عن أنه يدعم قيام دولة فلسطينية.
ولكن هناك عامل آخر فى هذا التحول هو بيرنى ساندرز، الذى قضى عصر ترامب ــ دون الكثير من الضجة الإعلامية ــ يكسر الحواجز وينتهك المقدسات فى النقاش بشأن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية.
فى عام 2017، ناقش السيناتور ساندرز بشكل علنى المنظور الفلسطينى بشأن ما حدث فى عام 1948. قائلا: «مثل بلدنا، فإن تأسيس إسرائيل تضمن تهجير مئات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون بالفعل هناك، الشعب الفلسطينى». وفى العام الماضى، استخدم منصته الخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعى لإعطاء الناس فى غزة فرصة لوصف نمط حياتهم فى ظل الحصار. ومنذ عامين، دعم علنا تكييف المساعدات العسكرية الأمريكية.
تحرر ساندرز مع قاعدته الشعبية من تقاليد كبار الديمقراطيين، لقد حطم الحواجز الإيديولوجية التى قيدت حزب كلينتون ــ أوباما الديمقراطى بشأن إسرائيل كما فعل فى قضايا أخرى. وبقيامه بذلك، كشف أن السياسات التى كانت تعتبر ذات يوم غير قابلة للتفكير تتمتع بدعم كبير.
من قبل لم نر قط استطلاعًا حول تكييف المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل حتى بدأ ساندرز يتحدث عنها. لكن فى ربيع هذا العام، اكتشفت جامعة ميريلاند أن 57٪ من الديمقراطيين يؤيدون «العقوبات الاقتصادية» أو «شىء أكثر قسوة» كرد فعل على التوسع فى المستوطنات.. وأظهر استطلاع رأى لمركز التقدم الأمريكى صدر هذا الشهر أن 71٪ من الديمقراطيين ــ و56٪ من الأمريكيين عمومًا ــ يعتقدون أن واشنطن «يجب ألا تقدم مساعدة مالية وعسكرية غير مقيدة» لإسرائيل.
***
ومن خلال الكشف عن شعبية القيود المفروضة على المساعدات الأمريكية، ضغط ساندرز على منافسيه للسير فى اتجاهه. لقد سمح لكل من لوارن وبوتيجيج ــ اللذان كانا أكثر غموضًا وحذرًا فى تبنيهما لقيود المساعدات ــ بالظهور كمعتدلين نسبيين أثناء اتخاذ مواقف لا تزال جذرية مقارنة بمواقف أوباما أو كلينتون. وقد بدأ مناقشة، لا تزال فى مراحلها الأولى، من شأنها أن تقود المزيد من الصحفيين إلى التحقيق فى كيفية عمل المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل.
ما وجدوه أيضا يمكن أن يساعد الرأى العام على التحول إلى أبعد من ذلك. فعندما يعلم الأمريكيون أن إسرائيل ــ بشكل فريد بين متلقى المساعدات الأمريكية ــ يمكن أن تنفق ما يقرب من 25٪ من الأموال التى تحصل عليها على الأسلحة الإسرائيلية بدلا من تلك المصنوعة فى أمريكا، وبالتالى دعم صناعة الأسلحة التى تنافسنا.. ستكون ردود الفعل غير متوقعة.
***
ما أوضحه مؤتمر J Street هذا العام هو أنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، يوجد الآن حزبان ديمقراطيان. هناك فصيل، يديره ناشطون شباب وتقدميون، ينظرون إلى نتنياهو على أنه مثل ترامب، وإلى أن الاحتلال فعل غير إنسانى تدعمه الأموال الأمريكية. وهناك فصيل، بقيادة سياسيين لهم جذور عميقة فى واشنطن وعلاقات وثيقة مع المؤسسة اليهودية الأمريكية، ما زالوا يلقون نفس الخطب التى ألقوها قبل أن يولد جى ستريت.
فى خطاب مدته عشر دقائق فى مؤتمر J Street حضره 1200 شخص، لم يشر السيناتور تشاك شومر أبدًا إلى كلمة «الفلسطينيين»، كما أن رئيسة مجلس النواب «نانسى بيلوسى» تحدثت مرة واحد فقط عن تأييد حل الدولتين والذى من شأنه تعزيز الاستقرار والأمن لإسرائيل والشعب الفلسطينى. وفى رسالته إلى المؤتمر، لم يقدم نائب الرئيس السابق جو بايدن أى تلميح عن تفكيره فى فرض قيود أو شروط على المساعدات الأمريكية.
إذا فازت تقدمية مثل وارن بالبيت الأبيض فى عام 2020، فمن المحتمل أن تواجه معركة حول المساعدات العسكرية ليس فقط مع الجمهوريين ولكن مع شخصيات قوية فى حزبها. لكن هذا الصراع فى حد ذاته سيمثل تغييرا مهما.
بين عشية وضحاها تقريبا، اندلع نقاش ظن الكثيرون أنه مستحيل داخل الحزب الديمقراطى.. ما سمعناه فى J Street يؤكد على أن الديمقراطيين التقدميين تخلصوا من مخاوفهم.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى