أحلاهم
محمود قاسم
آخر تحديث:
السبت 5 يناير 2019 - 12:10 ص
بتوقيت القاهرة
فى الفن ليست الأمور بالأقدمية، فالفنان ستيفان روستى هو المخرج الأقدم فى تاريخ إخراج الأفلام الروائية المصرية، حيث إنه شارك الفنانة عزيزة أمير إخراج الفيلم الروائى الأول فى السينما، واسمه «ليلى»، وقد مارس العديد من المهن السينمائية ومنها الإخراج والتأليف السينمائى بالإضافة إلى التمثيل، ومع ذلك فإنه لم يفلح فى اخراج أو كتابة أفلام ذات مكانة متقدمة فى القيمة الفنية، والطريف أن فريد الأطرش اعترف فى حديث تلفزيونى له بأنه شعر بالندم الشديد لأنه أسند اليه اخراج فيلمه «جمال ودلال» بعد أن الح عليه لينال هذا الشرف، ولا أعتقد أن المخرج كان فى حاجة إلى العمل، ففى السنة نفسها قدم فيلما غريبا للغاية من بطولة ميمى شكيب، ومحمد كمال المصرى (شرفنطح)، وكان المخرج هو أحد أبطال الفيلم، مع ليلى فوزى، وزكى طليمات، وحسن فايق، وهو فيلم «أحلاهم» 1945، والطريف أنه فيلم غنائى سمعنا فيه كل أبطاله يقومون بالغناء أو الرقص ومنهم نبوية مصطفى وهم ليسوا من أهل الطرب، وبالطبع فإن هناك أصواتا غنائية قامت بالغناء فى الفيلم، وذلك أمر يستوجب السؤال، أما الأمرالأكثر دهشة فهو أننا امام فيلم ملىء بالاغنيات بالاضافة إلى أن البطولة المطلقة لممثلة عملت لسنوات طويلة فى الأدوار الثانية دون ان نراها فى بطولة.
يعنى هذا أن المخرج قد أخرج فيلمين من السينما الغنائية فى العام نفسه، وهى مغامرة محسوبة للغاية، ولعل فريد الأطرش تعلم من تجربة فشل فيلمه، وقرر أن يكون له المخرجون الذين يتعامل معهم بصفة دائمة وهم: بركات، وبدرخان لمدة عشر سنوات على الأقل.
تعتمد قصة فيلم «أحلاهم» على امرأة تعيش فى حى شعبى تتاجر فى الدواجن وتحمل «القفص» فوق رأسها تنادى على بضاعتها، والى جوارها ابنها وابنتها، وهما دوما فى حالة نقار دائم، ويقوم لص بسرقة نقودها أثناء عودتها بعد أن باعت بضاعتها، الا أنها تكتشف أن الحشية التى ينامون عليها مليئة بالعملات الثمينة من الذهب فتصبح امرأة ثرية سرعان ما تتولى عمل المشاريع الخيرية، ويطمع فيها أحد النصابين الا أن أمره ينكشف، وتزوج الابنة إلى أحد العزاب الأثرياء، وكان الله بالسر عليما.
لم ينس المخرج أن يمنح لنفسه دوره المفضل اليه، وهو النصاب الذى يضحك على بنات العائلات، والغريب أن ستيفان روستى الذى نعرفه فى السينما خفيف الظل لم يكن قد تبلور بعد فى الفيلم، والأمر نفسه بالنسبة لزينات صدقى، وقد بدا أن الزمن هنا يساعد فى تشكيل الفنان، ويكسبه المزيد من الخبرة والقبول.
الفيلم تاه فى مخازن الأفلام المصرية، ولا أعتقد أن أحدا شاهده منذ سبعين عاما، وتبقى أهميته بالنسبة لى أنه يتضمن أغنية كاملة تحية للملك فاروق. ما يعنى أن النسخة الخاصة بالفيلم تاهت طويلا دون أن يلتفت إلى الأغنية جزارو الأفلام الذين كانوا يمسحون ويلطخون صور الملك، وبدلا من الإسهاب فى الكلام عن الفيلم فإننا ننقل كلمات الأغنية باعتبارها وثيقة مفقودة استطعنا استردادها بفضل اليوتيوب، وهى بعنوان «عيد جلوس المليك»
ملك البلاد يازين
فاروق يانور العين
لك ورد على الخدين يا مليكنا
تعيش لنا يا فاروقنا
يوم فرحك كان يوم عيد
من بحرى للصعيد
يابو العصر السعيد
يا مليكنا
...