حمامة بيضا بفرد جناح
سيد محمود
آخر تحديث:
الثلاثاء 5 يناير 2021 - 7:45 م
بتوقيت القاهرة
من أكثر المشروعات القومية التى تحمست لها مؤخرا مشروع «ممشى أهل مصر» الذى تقوم محافظة القاهرة على تنفيذه بغرض تطوير كورونيش النيل من حلوان جنوبًا إلى شبرا الخيمة شمالًا، بهدف زيادة معدل نصيب الفرد من المسطحات الخضراء، وتنامى فرص الجذب السياحى على امتداد الكورنيش الذى يمكن اعتباره إحدى أهم العلامات الدالة على الهوية البصرية لمدينة القاهرة.
وزاد من حماسى للمشروع زيارة قمت بها مؤخرا لمدينة الأقصر التى شهدت تطويرا مماثلا للكورنيش أتى ثماره بصورة حضارية رائعة، حيث لم تخسر المدينة علاماتها التقليدية، ولم يفقد مواطنوها أى حق من حقوقهم فى الاستمتاع بمساحات واسعة على الكورنيش.
ولا يزال لدى الكثير من الآمال، فى استثمار التطوير الجديد بطريقة حضارية، تعوض الخسارات التى عانى منها الكورنيش عقب عملية للتطوير شهدها قبل حوالى خمس سنوات وانتهت بتسليم كورونيش ماسبيرو فى صورته المطورة لفئة من البلطجية كانوا يفرضون نمطا من الاتاوات على الراغبين فى الاستمتاع بجلسة هادئة، سواء كان هؤلاء من المارة البسطاء، أو من العشاق الذين لا تزال جلساتهم على نيل القاهرة واحدة من علامات البهجة فيها.
وأغلبنا رأى واستمع إلى سخافات لا أول لها ولا آخر من هؤلاء البلطجية المختفين وراء صورة لبائع مياه غازية أو بائعة ورد لا رائحة فيه.
وباسم الحفاظ على فرص أكل العيش كانت تهدر يوميا كرامة العشرات من الشباب والكبار دون أن يتحسن اقتصاد هؤلاء الأفراد أو ينمو الدخل القومى وزاد الطين بلة أن بعضهم كان يقوم بخلع الرخام والبلاط ويتولى بنفسه فك اعمدة الإنارة المصممة بمواصفات تاريخية ثم بيعها بالقطعة فى غياب أى شكل من أشكال الرقابة التى تضمن الحفاظ على المنافع العامة.
ولدى كل مواطن مصرى عشرات الوقائع التى يمكن أن يرويها عن مشاهدات رآها بنفسه لسلوكيات من هذا النوع كانت تجرى جهارا نهارا ولم تجد من يوقفها.
وبعضنا كان يتحسر على ما يراه فى بلدان مجاورة أوجدت العديد من الوسائل المحترمة التى استثمرت عبرها مسارات موازية لانهار صغيرة أو بحيرات صناعية كانت تضمن لاهل البلد والسياح فرصا لا تنتهى للاستمتاع بالتجوال الحر أو بجلسة محترمة داخل مطعم أو مقهى بخلاف ما تحققه من فرص عمل وعوائد اقتصادية حرمت مصر منها على الرغم من أن الطبيعة وهبتها ما لم توهبها لغيرها.
وحسبما قرأت وتابعت فإن مشروع «ممشى أهل مصر» يعمل على استرداد تلك الفرص المهدرة ويصلح أخطاء سنوات الثمانينيات التى أخفت النهر عن الناس لصالح أندية ومطاعم تنازعت على اداراتها نقابات وهيئات ووزارات دون مراعاة لأية اشتراطات بيئية أو جمالية.
والهدف من الممشى الجديد إنشاء مسار موازٍ للطريق ونهر النيل، بعرض 6 أمتار ونصف المتر، لإنشاء مراسى ومهرجانات ومساحات لإقامة أنشطة ثقافية وترفيهية.
ومن المقرر أيضا أن يضم المشروع مسرحا عائما بسعة 774 فردا، وقد جرى الانتهاء منه بالكامل، وسيتم استغلاله بالتنسيق مع وزارتى الثقافة والشباب والرياضة وهناك 3 مدرجات بسعة 1240 فردا، مع تيسيرات لذوى الهمم والاحتياجات الخاصة.
وقد علمت خلال لقاء تلفزيونى مع أحد المسئولين أنه قد تم بالفعل الانتهاء من إنشاء 19 مبنى يضم 62 محلًا و5 كافتيريات و5 مطاعم، إلى جانب 3 جراجات بسعة 180 سيارة.
وأوشكت عملية تنفيذ المرحلة الأولى التى تمتد من كوبرى 15 مايو حتى إمبابة بمساحة 1.9 كيلومتر، أن تنتهى بالكامل وهناك خط آخر من العمل على كورنيش المعادى وبفضل هذا التطوير لن يحجب النيل مرة أخرى عن الناس وكل هذا جميل ويستحق التقدير لأنه سيوفر المئات من فرص العمل وفرص أخرى للاستمتاع بالنيل وجماله، لكن وسط كل ما يقال من تصريحات هناك فئة من الناس التى يرتبط أكل عيشها فعليا بالنيل لا تعرف رأسها من أقدامها ولا تزال قلقة من مصيرها فى هذا التطوير
وقد طلب منى بعض الأصدقاء المساهمة فى نقل صوت ممثلى هذه الفئة للمسئولين عن هذا المشروع الحضارى والفئة التى أقصدها هم (المراكبية) الذين يرصعون النيل بالمراكب الشراعية والفلايك الصغيرة التى تشبه أجنحة حرة تستعمل من محبى النيل للهرب من الزحام والضجيج داخل المدينة وتمثل معلما سياحيا مهما لا يجوز التفريط فيه، أو فقده بدعوى التطوير وهى فسحة بسيطة متاحة بأسعار معقولة. فلا نزال جميعا نبحث عن (الفلايكى أبوصوت ملايكى) لنقول له ــ كما قال محمد عبدالوهاب: (تعالى من فضلك خدنا) ثم نغنى:
جات الفلوكة والملاح... ونزلنا وركبنا
حمامة بيضا بفرد جناح... تودينا وتجيبنا
ودارت الالحان والراح... وسمعنا وشربنا
صلح لى قلوعك يا ريس
هيلا هوب هيلا