الجامعات وتصنيفها
محمد زهران
آخر تحديث:
السبت 5 مارس 2022 - 8:20 م
بتوقيت القاهرة
يحاول الطلاب فى جميع أنحاء العالم الالتحاق بجامعات ذات تصنيف مرتفع أملا فى الحصول على وظيفة مرموقة بعد التخرج أولا ثم الحصول على تعليم جيد ثانيا، وهذا هو الترتيب الذى يفكر فيه الأغلب الأعم من الناس، لكن هناك عدة أسئلة؟ كيف تصنف الجامعات؟ هل نثق فى تلك التصنيفات؟ وما أهمية هذا التصنيف عندنا فى مصر؟
إذا بحثنا عن تصنيف الجامعات فى العالم سنجد عدة تصنيفات مثل التصنيف الصينى وتصنيف (QS) وتصنيفات الجامعات الأمريكية مثل تصنيف (U.S. News) وما شابهها، غالبا الجامعات الأولى فى مختلف التصنيفات تكون من أمريكا وبريطانيا مع القليل من اليابان وسنغافورة، لكن فى نفس الوقت ستجد تفاوتا كبيرا فى تصنيف الجامعات التالية لأول عشرين جامعة مما يدعو إلى الدهشة، التفاوت يحدث بسبب أنه مع أن أغلب التصنيفات تستخدم معايير متشابهة جدا إلا أن أهمية وثقل كل معيار تختلف من تصنيف لآخر. لكن ما هى هذه المعايير؟ أولها (وإن كان الترتيب مختلفا من تصنيف لآخر) هى الأبحاث المنشورة فى المجلات المعتبرة، ثانيها عدد الطلبة الحاصلين على الدكتوراه فى السنة، ثالثها نسبة عدد الأساتذة للطلبة، رابعها نسبة الطلبة التى تكمل الدراسة حتى الحصول على الدرجة العلمية ولا تترك الدراسة فى منتصفها، خامسها الجوائز العلمية التى حصل عليها الأساتذة والخريجون. إذا تأملنا تلك المعايير لن تجد معيارا واحدا يحدد جودة التعليم الا نسبة عدد الأساتذة للطلبة لكن حتى هذا المعيار لا يعنى تعليما جيدا فقد يكون الأستاذ عالما كبيرا فى تخصصه ويدرس لفصل به عدد قليل من الطلبة لكنه لا يحسن التدريس، من النادر جدا أن تجد من يتفوق فى البحث العلمى والتدريس معا.
نستخلص من تلك المعايير شيئين: الأول أن هذه التصنيفات مهمة لطلاب الدراسات العليا حيث البحث العلمى هو الأساس وليس طلاب البكالوريوس حيث التدريس هو الأساس، خاصة أن فرصة طالب الدراسات العليا فى الحصول على وظيفة مرموقة بعد التخرج تعتمد على تصنيف الجامعة واسم المشرف والأبحاث التى نشرها الطالب. الشىء الثانى هو أن التصنيف العام لا معنى له، لأنه قد يكون تصنيف جامعة ما متوسطا لكنها أفضل جامعة فى العالم فى تخصص معين وهناك تصنيفات للجامعات لكل تخصص. إذا أراد الطالب الحصول على الدرجة العلمية فى الدراسات العليا فعليه النظر فى تصنيف الجامعات فى التخصص الذى سيدرسه وليس التصنيف العام.
أما إذا كان الطالب يدرس فى مرحلة البكالوريوس فيجب أن ينظر إلى آراء الطلاب السابقين فى الجامعات المختلفة وهناك الكثير من المواقع تحتوى على تلك المعلومات كما أن هناك تصنيفات معينة للجامعات المتخصصة فى التدريس فقط (فى أمريكا مثلا يوجد الكثير منها) وهى جامعات مرموقة ومعترف بها لكنها تهتم بالتدريس حتى مرحلة البكالوريوس أو الماجستير فقط.
نأتى إلى النقطة الهامة وهى أهمية التصنيف بالنسبة لنا فى مصر، أولا تصنيف الجامعات المصرية فى تلك التصنيفات الدولية هو من قبيل «القوة الناعمة» وهى لها فائدة دون شك لكنه من المفروض ألا يكون الهدف الأول. ما يجب أن نهتم به فى الوقت الحالى (من وجهة نظرى ويمكن أن تطرح الفكرة للنقاش) هو التدريس والتركيز على تخريج جيل يستطيع المنافسة عالميا والمساعدة فى نهضة البلاد محليا، يتأتى ذلك عن طريق عقد اتفاقيات مع جامعات عالمية مصنفة تصنيفا مرتفعا (ليس لمجرد أنها أجنبية) فى التخصص المطلوب للحصول على مناهجهم وتلك هى نقطة البداية، نستطيع بعد ذلك تطوير تلك المناهج بأنفسنا، البحث العلمى فى الوقت الحالى تقوم به المراكز البحثية عندنا (وقد ناقشنا ذلك فى مقالات عديدة سابقة) وطلاب الدراسات العليا فى الجامعات عندنا لكن يكون التركيز على التدريس، ترقية الأساتذة يجب أن تدخل فيها اعتبارات مثل آراء الطلاب والمناهج التى طورها الأستاذ.
هناك حل آخر لكن يلزمه تحضير مجتمعى لتقبله وهو تعيين أساتذة للتدريس فقط وأساتذة للبحث العلمى والإشراف على الرسائل فقط ولكل منهما ترقياته من مدرس لأستاذ مساعد لأستاذ، والسبب الذى من أجله قلت إننا نحتاج تحضير المجتمع له أننا للأسف لا تعطى من يهتم بالتدريس فقط نفس الاحترام والتبجيل الذى نعطيه للباحث.
نحتاج التركيز على التدريس أولا ثم الأبحاث التطبيقية التى تحل مشاكل على الأرض ثم فى المرحلة التالية تأتى الأبحاث النظرية أو العلوم الأساسية، هذه الترتيب يختلف من دولة لأخرى حسب درجتها على سلم التقدم، وميزانيتها للتعليم والبحث العلمى وأولوياتها.