تواطؤ أم إهمال الشرطة؟
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 5 أبريل 2011 - 9:18 ص
بتوقيت القاهرة
سمعت اللواء عبدالعزيز أمين مدير هيئة استاد القاهرة يقول لأحمد شوبير فى قناة مودرن ليلة السبت الماضى إن نحو ألفى شخص دخلوا استاد القاهرة عنوة صباحا قبل بداية مباراة الزمالك والأفريقى التونسى وكانت معهم الشماريخ ورفضوا الخضوع للتفتيش، وكل ما فعلته هيئة الاستاد هى تحرير محضر فى قسم الشرطة.
مصدر أمنى آخر قال إن خمسة آلاف مشجع اقتحموا إحدى بوابات الاستاد وحطموها وأشعلوا النار فى أحد المدرجات قبل بدء المباراة، وفى الواحدة ظهرا وصل إلى الاستاد 6200 جندى.
إذن مدير الاستاد والشرطة لديهما واقعة محددة خلاصتها أن هناك الآلاف اقتحموا الاستاد وخارجين عن السيطرة، فلماذا أعطى الأمن الموافقة على بدء المباراة فى ظل هذا الجو المتوتر؟!.
لن أتحدث عن الثورة المضادة رغم يقينى بوجودها لكننى أسأل سؤالا بسيطا: لماذا لم يخبر عبدالعزيز أمين وسائر قادة القوات التى كانت مكلفة بتأمين المباراة قيادات الدولة بكل هذه المعطيات حتى يضعوا الجميع أمام مسئولياتهم؟!.
عندما أكون مسئولا أمنيا وعندى معلومات مؤكدة أن هناك أكثر من خمسة آلاف «هائج وخارج على القانون» ثم أوافق على إقامة المباراة فهناك خيار من اثنين إما أن أكون متواطئا رغبة فى إشعال حريق يطول سمعة البلد، أو مقصرا بدرجة خطيرة وفى الحالتين ينبغى إقالة المسئولين فورا ثم محاكمتهم.
هناك كارثة أخرى كشفتها هذه المهزلة وهى التبرير العجيب الذى ساقته الشرطة لعدم تدخلها وهو خشيتها من أن أى صدام بين الشرطة والجماهير قد يقود إلى كارثة، ثم تبرير آخر يقول إن الشرطة ومنذ نجاح الثورة لا تريد الاحتكاك بالمواطنين وتتجنب إغضابهم خوفا من تعاطف بقية الجماهير معهم.
هذه الكلمات صرنا نسمعها كثيرا هذه الأيام.. ولذلك نسأل أصحاب هذه المقولات العجيبة سؤالا بسيطا: إذا كنت رجل أمن ورأيت بلطجيا أو مشاغبا يهدد الآخرين، هل أتدخل واقبض عليه أم أتركه طليقا حتى لا أغضبه؟! وإذا تركته طليقا فلماذا أتواجد فى المكان أصلا ؟!.
خلق الله القانون كى نطبقه على الخارجين عليه، ولو أن كل رجل مكلف بتطبيق القانون امتنع عن التدخل ضد أى خارج على هذا القانون حتى لا يغضبه، فلنزف البشرى لكل اللصوص والبلطجية كى ينزلوا إلى الشارع ويحتفلوا ويفعلوا ما يشاءون، لأن الشرطة لا تريد إغضابهم. لو أن كل شرطى «انكسف» من أى منفلت أو بلطجى، فقولوا على الدنيا السلام.
غياب الأمن أو حضوره بلا فاعلية صار أمرا يدعو إلى الريبة ويطرح تساؤلات كثيرة عن وجود قطاعات داخله تريد إفشال الثورة بأى ثمن.
قد نصدق ولو نظريا أن ما حدث فى استاد القاهرة كان عفويا وتنفيسا عن احتقان، أو خروج أسوأ ما فى بعض المصريين، لكن هل الموقف الأمنى ليلتها كان بريئا.. أشك كثيرا والأيام بيننا !!
أخشى ما أخشاه أن قيادات فى الداخلية، ومشبوهين طلقاء يريدون أن يطرحوا علينا الخيار التالى:
إما أن نقبل بطريقة الشرطة وممارساتها القمعية قبل 25 يناير أو نتحمل طريقتها «العاطفية والرومانسية» فى تعاملها مع المجرمين والبلطجية بعد الثورة.
على هؤلاء أن يفكروا فى الخيار الثالث: نريد شرطة تحترم حقوق الإنسان وتطبق القانون بحزم على كل الخارجين عليه.. فقط.. هل هذا كثير؟!.