البلطجية يحكمون الشارع
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 5 مايو 2011 - 8:36 ص
بتوقيت القاهرة
قبل نحو 45 يوما دخلت المستشفى الجامعى بأسيوط لزيارة مريض أصيب فى حادث. قسم الاستقبال فى المستشفى أقرب إلى سوق الرويعى بالعتبة ظهرا، رغم ان الوقت كان الواحدة صباحا. الزوار يفترشون الأرض وبجانبهم المرضى وبعضهم كان خارجا لتوه من غرف العمليات. فجأة دخل شخص يرتدى جلبابا ويصرخ بأعلى صوته «فين الدكتور»، حاول أحد الممرضين أن يعرف مشكلته فزاد هياجه وهدد بتكسير المستشفى ان لم يصل الطبيب فورا.
مشكلة هذا المواطن أن لديه قريبا مصابا فى حادث ويريد أن يجد له سريرا فورا، حتى لو تم إلقاء مريض آخر فى ارضية ممر المستشفى.
ظاهرة اقتحام المستشفيات ليست قاصرة على أسيوط.. كثيرون يفعلون ذلك الآن، وسمعت أن أحد المقتحمين بالقاهرة دخل المستشفى ونزع مريضا من سريره وألقاه على الأرض بكل فظاظة ليضع قريبه مكانه.
الاقتحامات وصلت إلى قتل أحد المرضى فى مستشفى المطرية أخذا بالثأر.. وقبل ذلك فإن عصابات منظمة من البلطجية كانت تقتحم المستشفيات لخطف الممرضات أو سرقة أدوية مخدرة، وانتهى الأمر بأطباء وممرضين إلى الإضراب عن العمل حتى يتم توفيرالحماية لهم.
قبل يومين قام عدد من البلطجية أيضا باقتحام سجن الساحل بشبرا بالأسلحة النارية، وتمكنوا من تهريب نحو ثمانين من المحبوسين بسجن القسم وأصابوا ضابطا وأحد المجندين.
الآن يبدو أن القانون الوحيد المعترف به من قبل كثيرين فى المجتمع هو قانون الغابة، بمعنى أن كل شخص يريد تنفيذ القانون بالطريقة التى تعجبه.
لا أعرف لماذا هذا الصمت من الحكومة، لماذا لا تبدو متوترة ومهمومة ومشغولة بهذه المسألة الخطيرة، لماذا لا يتحرك المجلس العسكرى، لماذا لا يرسل رسالة طمأنة للمجتمع؟!.
أصدرنا قانون تجريم البلطجة ولدينا قانون الطوارئ منذ ثلاثين عاما، ولم نطبقه إلا على السياسيين. إذا لم نطبق هذه القوانين الآن على البلطجية فعلى من سنطبقها؟!.
هناك لحظات استثنائية فى حياة الشعوب، ونحن نعيش هذه اللحظات الآن.. لدينا ثورة، ولدينا نظام يتهاوى، وبعضه يحاول التشبث بالسلطة بأى شكل، يريد أن يقوض بدايات النظام الجديد بأى طريقة، حتى لو كان الثمن هو تقويض الدولة نفسها.
إذا لدينا فلول نظام ينهار، وبلطجية يريدون الاستفادة من الفوضى الشاملة، إضافة إلى بعض «حسنى النية» مثل هذا المواطن الهائج مقتحم المستشفى فى أسيوط.
للأسف الشديد فإن السماح لهذا التحالف بالاستمرار دون ردع سيجعلنا ننتقل إلى الحالة الصومالية قريبا. لم يعد غريبا أن نرى خناقة بالسنج والمطاوى يوميا فى أى مكان، بل أرى ذلك كثيرا بالقرب من وزارة الداخلية نفسها فى لاظوغلى.
كيف نوقف هذا الانجراف نحو المجهول الذى يهدد الثورة نفسها ويجعل الناس تكفر بها، وتترحم على أيام نظام لم يرحمنا؟!
المطلوب تطبيق العدالة بحذافيرها فى المحاكمات المتعلقة بالفساد وقتل المتظاهرين.. لكن فيما يتعلق بالبلطجية فلتكن العدالة حاسمة وباترة.
يكفى أن نلقى القبض على بلطجى اقتحم سجنا أو مستشفى أو روع ال
مواطنين، ولنحاكمه سريعا ويا حبذا لو شهد محاكمته «طائفة من المواطنين»، نريد فضح وتجريس نماذج من هؤلاء البلطجية حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
مرة أخرى وليست أخيرة نناشد المشير طنطاوى والدكتور شرف واللواء العيسوى أن يتحركوا بسرعة. حتى لا تكون نهاية الثورة على يد حفنة من البلطجية صاروا يحكمون الشارع عمليا.