الدعم.. نقدي أم عيني؟ المهم التضخم
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 5 أغسطس 2024 - 7:05 م
بتوقيت القاهرة
سألت الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء: أنتم طلبتم من الحوار الوطنى مناقشة إمكانية تحويل الدعم العينى إلى نقدى.. هل لديكم نية محددة فى هذا الصدد، وهل تنحازون للنقدى، وما هو ردكم على الآراء الكثيرة التى تقول إن ذلك مقدمة لإلغاء الدعم عموما، وإذا تم إقرار الدعم النقدى فعلا، فكيف ستتصرف الحكومة فى حال زيادة معدل التضخم، هل ستصرف دعما نقديا مساويا بالفعل لمعدلات التضخم، وهل لديكم منظومة بيانات فعلية لخريطة الدعم حتى يكون النقاش مثمرا؟!
هذا السؤال كان ضمن أسئلة عديدة وجهتها لرئيس مجلس الوزراء خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف وبعض مقدمى البرامج التليفزيونية ورؤساء المجالس الإعلامية يوم الثلاثاء الماضى فى مقر مجلس الوزراء فى العلمين الجديدة بمحافظة مرسى مطروح.
د. مدبولى أجاب على السؤال برحابة صدر ومنطق إلى حد كبير. هو قال: «نحن لم نتخذ قرارا نهائيا، بل أرسلنا المقترح للحوار الوطنى الذى يضم ممثلين لمعظم القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر، وسوف نلتزم بما ينتهى إليه الحوار الوطنى فى هذا الصدد».
هو ضرب مثالا بالقول أن تكلفة رغيف الخبز المدعم تصل الآن إلى ١٢٠ قرشا وتبيعه الدولة للمواطن بعشرين قرشا فقط وتتحمل هى جنيها كاملا لكل رغيف وما يحدث على أرض الواقع أن بعض المواطنين من مستحقى الدعم لا يأخذون كامل حصتهم اليومية من الخبز بل يعطون البطاقة أو الكارت لصاحب المخبز مقابل مبلغ معين أو نقاط نهاية كل شهر، فى حين أن الدعم الحقيقى يذهب هنا لصاحب المخبز ويضيع على الدولة.
ولو أن هناك أسرة من خمسة أفراد فهى تستحق دعما قيمته ٤٥٠ جنيها شهريا.. فلماذا لا تأخذ الأسرة هذا المبلغ نقدا، وتشترى به الخبز أو أى سلع أخرى أساسية.
يضيف د. مدبولى: نحن مرة أخرى لم نقرر شيئا، بل نريد من الحوار الوطنى أن يعطينا أفكارا، وبجانبها آليات للتنفيذ.
لكن من وجهة نظرى يجب أن يكون لدينا معلومات وبيانات كاملة وحقيقية حتى نعرف عدد المواطنين الذين يسلمون بطاقاتهم لأصحاب المخابز أو يستخدمونها علفا للحيوانات، فقد تكون هذه النسبة قليلة جدا وبالتالى لا تستخدم مبررا لوقف الدعم أو تكون كبيرة جدا فوقتها يكون تصحيحها واجبا محتما.
مدبولى تحدث عن أن الحكومة حذفت بعض المواطنين من البطاقات التموينية وأعادتها مرة أخرى لأنها اكتشفت مثلا أن المعايير لم تكن دقيقة أو تنطبق على الجميع، فمثلا هى حذفت من تزيد فاتورة هاتفه الجوال عن مبلغ معين، ثم اكتشفت أن بعض هؤلاء ليسوا أغنياء وقادرين بل إن مهنتهم هى العمل عبر التليفون، أو أن فاتورة كهرباء شخص معين تجاوزت حدا كبيرا، ثم اكتشفوا أن بعض العمارات الكاملة فى أماكن معينة محملة كلها على اسم شخص واحد.
كررت سؤالا للدكتور مدبولى: وماذا لو ارتفع معدل التضخم؟!
الإجابة كانت واضحة وقال سوف نفرض أن رغيف الخبز ارتفع ثمنه إلى ١٥٠ قرشا، وفى هذه الحالة سوف ترتفع قيمة الدعم النقدى إلى نفس النسبة.
وبالتالى وطبقا للدكتور مدبولى فإن الهدف ليس تقليل نسبة الدعم فى الميزانية بل ضمان وصولها إلى من يستحق، والأهم أنه إذا توافرت مبالغ من هذا الدعم فسوف تذهب للتعليم والصحة.
سألت الدكتور مدبولى مرة أخرى: هل لدينا منظومة بيانات كاملة وحقيقية حتى تكون دراسة هذه القضية وافية ومعبرة عن الواقع؟!
رئيس الوزراء أجاب بنعم قاطعة قائلا لدينا منظومة رقمية مطمئنة فقط نحن نحتاج إلى أفكار عملية قابلة للتنفيذ.
ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات ومنسق عام الحوار الوطنى لفت النظر إلى أهمية ما أسماه «النظرة الاجتماعية الجغرافية»، أى وجود أكثر من نموذج للدعم فى البلد الواحد.
رأيى الشخصى وقبل مناقشة الفكرة أن يكون لدينا قاعدة بيانات واضحة تحدد قيمة الدعم وعدد المستفيدين الفعليين وغير الفعليين، وبعدها يبدأ النقاش الفعلى بدلا من أن كل شخص ينطلق من أفكاره مسبقة قد تكون صحيحة وقد لا تكون، حتى نصل إلى الهدف الحقيقى وهو وصول الدعم لمستحقيه فى إطار منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، وفى نفس الوقت تخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة.