فى أفريقيا.. الناتو أصبح شيئا من الماضى
العالم يفكر
آخر تحديث:
الإثنين 5 أغسطس 2024 - 7:28 م
بتوقيت القاهرة
فى المستقبل، سوف يسعى حلف شمال الأطلسى إلى توسيع جناحه الجنوبى نحو أفريقيا لمواجهة النفوذ المتزايد للصين وروسيا، لكن الشعوب الأفريقية سوف تعارض مثل هذا التوسع، الأمر الذى من شأنه أن يتسبب فى توترات بين الغرب وأفريقيا. لذا يتعين على الخبراء الاستراتيجيين فى الحلف أن يفكروا بعناية وهم يخططون لمشاركتهم وتوسعهم فى أفريقيا.
أولا: متوسط الأعمار فى أفريقيا يبلغ 19 عاما، مما يجعلها قارة شابة. هؤلاء الشباب، الذين يشكلون غالبية سكان أفريقيا البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، ليس لديهم أى صلة بحلف الناتو. فالحلف، الذى يبلغ من العمر 75 عاما، يعد من بقايا الحرب الباردة التى لا يعرف عنها الأفارقة- الأصغر سنًا- شيئًا أو بالكاد يدرسون عنها فى المدرسة.
حتى عندما يتذكر الأفارقة الأكبر سنا الحرب الباردة، فهى ذكرى مؤلمة بالنسبة لهم. بعبارة أوضح، فى صراعها إلى تحقيق النصر على خصومها فى الحرب الباردة، دفعت القوى العظمى فى ذلك الوقت الدول الأفريقية إلى اختيار أحد الجانبين، ودعمت الزعماء الأقوياء وضمنت بقاءهم منقسمين، بحيث أصبح الأفارقة غير واثقين من بعضهم البعض ويتقاتلون بسبب الأيديولوجيات الأجنبية التى استنزفت مواردهم وجعلتهم فى وضع أسوأ بحلول الوقت الذى سقط فيه جدار برلين وانتهت فيه الحرب الباردة. لذا، بالنسبة لهؤلاء الشباب الأفارقة اليوم، يمثل حلف شمال الأطلسى الأنظمة الاستعمارية القديمة وما بعد الاستعمارية.
ثانيا: العديد من الأفارقة، وخاصة أولئك الذين يعيشون فى منطقة الساحل، انطباعهم نحو حلف ناتو تشكل وقت تدخل الحلف فى ليبيا عام 2011 والذى بلغ ذروته بموت العقيد معمر القذافى وانهيار البلاد. وبناء عليه، هذان الحدثان أديا إلى تأجيج الصراع فى منطقة الساحل، ومن ثم يلقون باللوم على حلف شمال الأطلسى فى انعدام الأمن وعدم الاستقرار فى منطقتهم.
ثالثا: ما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة للحلف هو العلاقات الصعبة التى غالبا ما تربط الدول الأفريقية بالقوى الاستعمارية السابقة، مثل فرنسا والبرتغال والمملكة المتحدة وبلجيكا. لنأخذ تجربة فرنسا فى منطقة الساحل على سبيل المثال، حيث قطعت مؤخرا بوركينا فاسو ومالى والنيجر علاقاتهم معها. فكيف سيندفع الحلف نحو التوسع فى مساحة لا يرحب به فيها بعض بلدانها الرئيسيين؟ من أجل ذلك، التوسع الناجح لا يتعلق فقط بكسب قلوب وعقول الشعوب الأفريقية، بل يتعلق بتغيير النموذج وإطار عمل جديد يمكن من خلاله إشراك الدول الأفريقية، وإلا فتوسع الناتو فى أفريقيا سيفشل، لأن الدول الأفريقية لا تتوق إلى الانضمام إلى حلف تعتبره منظمة إمبريالية غربية. وباعتبارها القوة العظمى فى التحالف، تستطيع الولايات المتحدة أن تلعب دورا حاسما فى إعادة تشكيل علاقات الغرب مع أفريقيا، حيث واصلت الدول الأفريقية التعبير عن اهتمامها بشراكات قوية مع واشنطن.
رابعا: المنافسة بين القوى العظمى تضيف تحديا آخر إلى توسع حلف الناتو فى أفريقيا. فقد أبدت مجموعة كبيرة من اللاعبين، بما فى ذلك دول الخليج العربية، والصين، والهند، وروسيا، وتركيا، اهتماما بأفريقيا، حتى أنهم استثمروا فى القارة السمراء من أنحائها الأربع، وعرضوا على الأفارقة خيارات وبدائل وفرصا. وفى هذا الصراع الجديد على أفريقيا، أصبحت جاذبية حلف شمال الأطلسى محدودة.
• • •
فى مختلف أنحاء القارة، هناك احتياج كبير لمشاريع الطرق والمستشفيات والمدارس وغيرها من مشاريع البنية الأساسية، وباعتبارها منظمة أمنية صارمة، فإن حلف شمال الأطلسى غير مجهز على النحو اللائق لتلبية احتياجات أفريقيا فى مجال الأمن البشرى. لذا من غير الواضح كيف يتعامل الحلف مع مشكلة انعدام الثقة واحتياجات أفريقيا المتنوعة، وإذا ما رغب فى التوسع بأفريقيا، عليه أن يبدأ بطرح السؤال حول كيفية تعامله مع هذه المسألة.
مفيمبا فيزو ديزوليلى
The Center for Strategic and International Studies
ترجمة: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلى:
https://bit.ly/3SBA6Uj