الصحافة والجيش.. وحدود ما قبل 25 يناير
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأربعاء 5 سبتمبر 2012 - 8:15 ص
بتوقيت القاهرة
هل يجوز لوسائل الإعلام ان تناقش أداء القوات المسلحة وكبار قادتها، وتفتح مثلا ملف المسئولين عن وقوع مجزرة رفح؟!.
فى الماضى أى منذ 23 يوليو 1952 وحتى 25 يناير 2011 كانت العلاقة واضحة.. ممنوع على وسائل الإعلام نشر أى خبر عن القوات المسلحة حتى لو كان مقتل جندى فى حادث سير إلا بإذن، ومن يخالف ذلك يقع تحت رحمة المادتين 80 و85 من قانون العقوبات.
بعد الثورة انقلبت الآية تماما، وصارت أخبار القوات المسلحة مستباحة لكل من هب ودب، تنشر من دون حسيب أو رقيب.
الآن وبعد انتهاء مهمة الجيش فى الشارع وعودته لحماية الحدود فإن القوات المسلحة تتمنى أن تعود علاقتها مع الصحافة إلى حدود ما قبل 25 يناير، وبعض الصحفيين يريدون بالطبع استمرار العلاقة بصورتها الراهنة.
المؤكد أن هناك حلا وسطا يفترض أن يصل إليه الطرفان فى أقرب وقت ممكن جوهره عدم نشر أى معلومات تتعلق بأسرار عسكرية غير مصرح بها من قبيل نوعيات التسليح وأماكن الانتشار فى مقابل آلية تسمح للصحف بالتقييم والمناقشة للافكار والاتجاهات العامة فى القوات المسلحة.
اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع ــ الذى يعتبره كثيرون صديق الصحفيين ــ قال إنه يدرك صعوبة العودة إلى الماضى وأساليبه وأنه يثق فى وطنية الصحفيين لكنه سأل رؤساء تحرير الصحف المصرية ــ خلال لقاء معهم أمس الأول الاثنين بحضور اللواء أحمد أبوالدهب مدير إدارة الشئون المعنوية ــ عن الصيغة المثلى التى تجعلهم يؤدون عملهم وفى نفس الوقت لا يضرون الأمن القومى.
اللواء العصار ــ صاحب الابتسامة الدائمة ــ لا يلجأ إلى الأساليب العسكرية الصارمة ولا يستخدم لغة الانذارات، طالما أنه قادر على توصيل فكرته.
لكن الصحفيين صارحوا العصار وأبوالدهب بالمصاعب الجمة التى تواجههم. عددوا لهما الأمثلة التى ينبغى أن تكون اختفت فى إعلام ما بعد الثورة.
أكدوا أن أفضل حل للقضاء على كل الشائعات والتسريبات والتكهنات والأخبار المجهلة والمفبركة هو سلاح بسيط اسمه الشفافية والمعلومات الصحيحة وعدم الاستهانة بأى خبر مهما كان صغيرا، وضرورة الرد السريع على كل ما ينشر عن الجيش سواء عن أحد أفراده أو معركة يخوضها.
بالطبع مصر بظرفها الحالى ليست أمريكا أو إسرائيل أو حتى تركيا فيما يتعلق بقضية نشر أخبار الجيش، لكننا أيضا لسنا سوريا التى يحتاج الصحفى فيها للحصول على إذن كى يعطس أو يكح!.
لا يوجد عاقل يريد أن ينشر خبرا قد يضر قواتنا المسلحة، وغالبية الصحفيين يتمنون ان يروا جيشهم فى أفضل حال.. مستعد ومؤهل وجاهز لممارسة مهمته الأساسية: حماية الحدود وردع الأعداء والمتربصين.
المشكلة هى كيف نحافظ على قواتنا المسلحة سليمة وآمنة ومتماسكة وقوية ومعنوياتها مرتفعة وفى الوقت نفسه نضمن حرية الصحافة. هناك نظرية تقول ان حرية الصحافة هى أكبر مضاد حيوى يمنع ظهور فيروس الفساد فى أى مكان، هى العلاج الحقيقى لكل أمراض التخلف والاستبداد. تعمقوا فى درس عدونا إسرائيل وكيف تتعامل الصحافة الإسرائيلية مع جيشها.
الصورة هناك ليست وردية والصحافة ليست حرة على طول الخط فى تناول موضوعات الجيش، لكن هناك صيغة تجعل الصحافة تخترق العديد من الخطوط الحمراء، لكنها فى الوقت نفسه لا تضر جيشها، بل تقوم فى معظم الأوقات بنشر قصص وحكايات تصب فى النهاية فى مصلحة هذا الجيش.
السؤال موجه للجميع: كيف نحل هذه المعادلة الصعبة: نحافظ على مؤسسة الجيش قوية ، ولا نعود لحدود ما قبل 25 يناير؟!.