دروس المرحلة الأولى
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 5 ديسمبر 2011 - 9:05 ص
بتوقيت القاهرة
دون حاجة إلى قانون العزل أسقط المصريون الفلول.
هذا هو أهم مكاسب الجولة الأولى من الانتخابات دون منازع.
أرجو أن تلاحظ أن نفرا من النخبة أغرقنا فى حديث الفلول وقانون الغدر شهورا عدة، وأن بعض المرشحين هددوا بعدم خوض الانتخابات لو لم يصدر، ثم صدر القانون بعد أن تشكلت أحزاب من بقايا الوطنى المنحل شاركت فعلا فى الانتخابات، فضلا عن بعض المرشحين على مقعد الفردى، وكانت النتيجة صفرا كبيرا، ليس فقط لفلول الوطنى، وإنما أيضا لنخبة ثبت أنها لا تعرف الناس ولا تحترم اختياراتها، وقد حذرت على مدى الأسابيع الأربعة السابقة على الانتخابات، من خطورة الدعوة لتأجيلها، بحجة الانفلات الأمنى وعدم القدرة على تأمين اللجان أو غزو الفلول للبرلمان، وكان رهانى على الناس، الذين كانت رغبتهم فى المشاركة، أهم سبب لتأمين العملية الانتخابية كلها.
تأسيسا على هذا المكسب، يمكن الإشارة إلى دروس مستفادة أخرى، أولها أن الناس اختارت الطريق الآمن للتغيير كما بيّنته خريطة طريق المجلس العسكرى: انتخابات برلمانية ثم رئاسية ثم دستور، وبدرجة ما، فإن الإقبال غير المسبوق من الناس على التصويت، يعد استفتاء ثانيا على الخطة التى وضعها المجلس، والتى بمقتضاها ستؤول سلطاته التشريعية والرقابية إلى البرلمان، ثم ما تبقى من سلطات تنفيذية إلى رئيس منتخب فى موعد أقصاه نهاية مايو المقبل، ليعود بعدها الجيش إلى ثكناته.
ولأنه ثبت أن النخبة لا تعرف شعبها، فقد أبدى كثيرون دهشتهم من حصول التيار السلفى على نحو 20% من أصوات الناخبين فى الجولة الأولى، وحصد التيار الإسلامى ما يزيد على 65% تقريبا من الأصوات، وهى نتائج لا يمكن التعاطى معها بتسفيه إرادة الناس أو عدم قبولها، وإنما بالتساؤل عن الأسباب التى أبعدت الناخبين عن القوى الليبرالية واليسارية التقليدية، واختيار قوى أخرى صاعدة، وعلى هذه الأحزاب أن تدرس أسباب انصراف الناس عنها، إن كانت تريد الاستمرار على الساحة والمشاركة فى الحراك السياسى.
كل ما أرجوه الآن أن تجرى المرحلتان التاليتان بنفس الدرجة من النزاهة والإقبال الجماهيرى، وأن يدرك المرشحون أن الناس اختاروهم لا ليتجادلوا حول النقاب والحجاب والجيب والبلوزة، وإنما ليقيموا لهم مجتمع العدل والحرية والكفاية.
هذه الانتخابات ليست نهاية المطاف، بل هى بداية طريق طويل، يعرف الجميع أن أحدا لن يمشيه وحده، وعلى القوى الليبرالية قبل غيرها أن تثبت ولاءها لمبادئها، وأنها تقبل اختيارات الناس حتى لو جاءت فى غير صالحها، وأن الاحتكام إلى صندوق الاقتراع هو أنسب السبل وأسلمها لمعرفة هذه الاختيارات، وأن من حق التيار الذى حصل على ثقة الناس أن يدير شئونهم، وأن يأخذ فرصته كاملة لتطبيق برامجه وأفكاره، فإن أحسن استبقوه وإن أساء صوتوا لغيره.
وفى انتظار نتائج المرحلتين الثانية والثالثة، عاشت مصر حرة ديمقراطية.
eghazaly@shorouknews.com