الوزير الموظف
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأربعاء 6 يناير 2010 - 10:49 ص
بتوقيت القاهرة
من الآن وحتى إشعار آخر سيكتب كثيرون عن المطلوب الذى ينبغى أن يفعله وزير التعليم الجديد أحمد زكى بدر.
ونفس الأمر سيتكرر تقريبا بالنسبة لوزارة النقل ووزيرها الجديد علاء فهمى مع فارق بسيط أن الغالبية قد أدلت بدلوها فى الأمر بعد حادثة قطارى العياط قبل أسابيع التى أدت إلى استقالة أو إقالة الوزير محمد منصور.
ولو كنا منصفين وفكرنا فى المسألة بهدوء ما تحدثنا بخير أو بشر عن الوزراء الراحلين أو القادمين، فهم فى النهاية لا يعرفون لماذا دخلوا الحكومة أو لماذا رحلوا منها.
بالطبع هناك فروق فردية بين البشر، فهناك شخصيات مبدعة وأخرى نمطية، لكن آلية صناعة القرار فى مصر شديدة المركزية، ولا تسمح بأى هامش حقيقى من الإبداع لأن ذلك ضد طبيعتها وسيؤدى إلى كشف عوراتها.
جميعنا تقريبا يعرف المشكلات والأزمات التى يعانى منها التعليم من المناهج التى تكرس التلقين إلى معلمين يحتاجون إلى من يعلمهم.. نهاية بمدارس فقيرة الإمكانات وخريجين أسوأ حالا من الذين لم يتعلموا بالمرة!
إذن المشكلة ليست بالمرة فى شخص وزير التعليم، لكنها باختصار فى النظام أو «السيستم» كما قال دكتور «برايز» فى نهاية «فيلم ثقافى».
لو اتفقنا على المنطق السابق، فإننا لن نتوجه بالشكوى إلى أحمد زكى بدر، أو نلوم يسرى الجمل على ما فعله، فالرجل باختصار كان نموذجا عمليا لموظف يحمل درجة وزير، وأغلب الظن أيضا أنه لن يعرف لماذا خرج من الوزراة بعد دقائق من «الطعم» الذى تعاطاه فى مدرسة ابتدائية فى أكتوبر.
علينا ألا نحاسب أحمد زكى بدر، فالرجل جاء لينفذ سياسة موضوعة سلفا وهى السبب فى كل نعانيه من تخلف، هو لن يستطيع تغيير «السيستم».
لو كنا شجعانا حقا لسألنا مباشرة الرئيس حسنى مبارك فهو رئيس كل السلطات، وجميع الوزراء لا يفعلون شيئا إلا انتظار صدور توجيهاته وتعليماته، من نجاح تلميذة فى مادة التعبير إلى إنشاء المحطة النووية.
وبالتالى إذا كانت الصحف الحكومية تشيد طوال الوقت بإنجازات الرئيس فعليها وعلينا أن نمتلك الشجاعة لنسأله: لماذا وصلنا إلى هذا المستوى المتدنى فى التعليم؟ وكيف يتواصل القتل المنظم للمساكين تحت عجلات القطارات المتهالكة؟.
هذا «السيستم» الذى يرحل المشكلات ولا يحلها لن يجمله وزير ولن يبدله تغيير وزارة كاملة أو مليون وزارة.
بلغة الكمبيوتر، هذا السيستم أو الجهاز يحتاج «فرمتة» كاملة، وربما تغيير الجهاز نفسه، وحتى يحدث ذلك فالتعليم سيظل سيئا وكوارث القطارات لن تتوقف.
ehussein@shorouknews.com