سر العداء بين الشرطة والميكروباص
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 6 يونيو 2011 - 8:20 ص
بتوقيت القاهرة
هناك أكثر من سبعين سببا تجعلنى لا أتعاطف مع طائفة سائقى الميكروباص. منها خبرة سلبية تصل لعشرين عاما فى معظم ميكروباصات العاصمة من «رمسيس ــ مدينة نصر» إلى «فولكس» الهرم وفيصل، وتأصلت هذه الذكريات بحكم «الوثيقة التاريخية النادرة» التى وضعها الصديق حمدى عبدالرحيم عن هذه الطائفة فى كتابه الشيق «فيصل ــ تحرير.. أيام الديسك والميكروباص».
وباستثناء قلة قليلة فغالبية هؤلاء السائقين تدفعك دفعا لاتخاذ موقف عدائى منهم بدءا من تدخينهم المستمر مرورا بصوت الكاسيت المرتفع بالأغنيات التافهة نهاية بإصرارهم على حشر أربعة ركاب فى «الكنبة الخلفية».
تناسيت كل هذه الذكريات ووجدت نفسى أتعاطف معهم بكل ما أملك من مشاعر بعد حادث مقتل السائق محمد صباح سعيد نصر أمام قسم شرطة الأزبكية مساء الخميس، عقب شجاره مع مأمور القسم والجدل حول سبب الوفاة.
كل الأسباب تدين الشرطة وتستدعى فتح تحقيق معمق، وعلينا ألا نقع فى فخ اسئلة فرعية مثل هل اخطأ السائق أم لا، وهل كان بذيئا مع المأمور أم لا، وهل رد الصفعة للمأمور أم اكتفى باعطائه الخد الأيسر، وهل كان يقف فى الممنوع لتحميل الركاب إلى الإسكندرية أم يركن فى المكان القانونى؟! حتى لو افترضنا أن السائق ارتكب كل الأخطاء الممكنة.. فإن ذلك لا يبرر لأى شخص مواطنا أو مأمورا أو وزيرا أن يقتله.
قامت الثورة لارساء حكم القانون وليس لتعطى الشرطة مرة أخرى حق القتل المجانى للمواطنين.
سيقول قائل إن الشرطة لم تقتل الضحية، بل مواطنون استفزهم بلطجة السائق، ونسارع للقول إن جوهر وظيفة الشرطة هى حماية روح أى مواطن حتى لو كان لصا متلبسا بالسرقة أو حتى القتل. الحالة الوحيدة التى تبرر للشرطة القتل هى فشل كل الوسائل لايقاف شخص مسلح يحاول قتل آخرين.
هناك عشرات الإجراءات قبل الاقدام على القتل بدءا من التخدير مرورا بالضرب فى الأقدام والاطراف نهاية بالقتل كآخر علاج.
هناك تراث طويل من العداء بين الشرطة وسائقى الميكروباص أسبابها متعددة ومنها فرض بعض رجال الشرطة الاتاوات وإجبار السائقين على العمل مجانا فى المأموريات الليلية، والطريقة المتغطرسة فى التعامل، ولا ننس أعراض قضية «عماد الكبير».
وعندما جاءت الثورة كان منطقيا أن يكون السائقون فى مقدمة الناقمين على الشرطة.
وإذا كان الجميع يطالب بمعاملة البلطجية أنفسهم بالقانون، فما بالك بسائق ميكروباص يريد تحميل سيارته كى يعود لأسرته مساء ومعه بعض الرزق.
أدرك أن هناك ضغوطا هائلة على الشرطة، وبعض أفرادها يتعرضون لضغوط هائلة الآن، لكن من قال إن علاج ذلك يتحقق بالخروج على القانون.
لو أن بعض رجال الشرطة يعتقدون أن العودة الفعالة للعمل لن تتم إلا بالعودة الى الأساليب القديمة «فعليه العوض ومنه العوض».
يفترض أن كلا منا استخلص العبر من مغزى ثورة 25 يناير، ويفترض أن الشرطة آمنت أن أساليب الماضى انتهت بلا رجعة.
لو كنت مكان وزير الداخلية لأمرت بإعادة تدريب وتأهيل كل جهاز الشرطة من جندى الأمن المركزى غير المتعلم نهاية بكل مساعدى الوزير على كيفية تطبيق شعار «الشرطة فى خدمة الشعب».
النقطة المحورية قبل كل شىء أن يؤمن كل فرد فى الشرطة، أن دوره هو تطبيق القانون وليس تخويف الناس وإرهابهم.
نريد التغيير فى عقلية رجال الشرطة أولا.. بعدها سينصلح كل شىء