أهم التحديات التى تواجه الشرق الأوسط
العالم يفكر
آخر تحديث:
الإثنين 6 يونيو 2016 - 11:40 م
بتوقيت القاهرة
تبدو التحديات التى تواجه الشرق الأوسط، والتى تتمثل فى الإرهاب والتطرف والحرب الأهلية والتدخل الأجنبى والطائفية والفساد والسلطوية، مروعة ومحيرة فى آن واحد. فبوجود هذا الكم الهائل من المشكلات، يبدو من الصعب معرفة من أين تبدأ معالجتها، وما الأدوار التى ينبغى أن تضطلع بها الأطراف الخارجية الفاعلة. تمثل هذه المعضلة نقطة الانطلاق لأول دراسة استقصائية للخبراء العرب قام بها برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيجى للسلام الدولى.
تم طرح الأسئلة باللغتين الإنجليزية والعربية، وتمثل الدراسة أراء مفصلة لـ105 خبراء من كل البلدان العربية تقريبا؛ من ضمن هؤلاء قادة ونشطاء مجتمع مدنى وأرباب صناعات وعلماء ووزراء سابقون وأعضاء برلمان ومستشارون لرؤساء الدول. وقد ظهر بعضهم خلال اليقظة العربية، بينما يتمتع البعض الآخر بخبرة عقود مديدة.
هذه الدراسة الاستقصائية نوعية وليست كمية بطبيعتها. لم يتم اختيار الخبراء عشوائيا، ولا تمثل النتائج بالضرورة الجمهور العربى الأوسع. لكن، بما أنها أصوات قد تمارس الضغط أو تقود الجهود المبذولة من أجل التغيير والإصلاح، فإنها توفر تبصرا مهما لمعضلات السياسة فى الشرق الأوسط. أراء الخبراء معقدة وغالبا ما تكون متناقضة، ومع ذلك تطفو على السطح ثلاثة موضوعات على وجه الخصوص: شرعية الحكم، وإعطاء الأولوية للاهتمامات المحلية، والآفاق الديمقراطية تعرضها الدراسة فيما يلى:
شرعية الحكم:
بعد خمس سنوات من الربيع العربى، لم تفقد أزمة الشرعية التى ساعدت فى تعجيل الربيع، صداها ولا إلحاحها. ويكاد الخبراء يجمعون على استيائهم الشديد من طبيعة تعاطى حكوماتهم مع التحديات الكثيرة التى تواجهها. وتتخذ الموضوعات التى تستأثر بغضبهم أشكالا عديدة، من السلطوية إلى الفساد والمحسوبية والتدخل الخارجى، وبالتالى تلقى هذه المصادر المتنوعة للاستياء الضوء على الغياب المتأصل للعقود الاجتماعية الهادفة بين الدول والمواطنين فى معظم بلدان الشرق الأوسط.
إعطاء الأولوية للاهتمامات المحلية:
على الرغم من العديد من التحديات الجيوسياسية فى المنطقة، تجذب أزمة الحكم على مستوى المنطقة تركيز الخبراء نحو الداخل إلى الأمور المحلية. وتركز التقارير الإعلامية عن الشرق الأوسط، الغربية والعربية على حد سواء، على الأزمات الحادة فى المنطقة، مثل الحملة العسكرية ضد الدولة الإسلامية المعلنة من جانب واحد، والصراع فى اليمن، والتنافس الإقليمى السعودى ــ الإيرانى. وبينما لا يوجد إجماع بين الخبراء على الأسباب الكامنة وراء الاضطرابات فى المنطقة وفى بلدانهم، يبرز إعطاء الأولوية للتحديات الأقرب إلى الوطن، بشأن قضايا مثل السلطوية والفساد وانعدام المساءلة. وبعد خمس سنوات على اندلاع الثورات العربية، يمثل هذا تذكيرا قويا بأن أزمة الشرعية التى تواجه الدول العربية لاتزال قضية مدوية للغاية.
آفاق الديمقراطية:
ينظر الخبراء عموما إلى الحكم الديمقراطى لا كغاية فى حد ذاته بل كوسيلة لتحسين المساءلة والتصدى للفساد. وعلى الرغم من أنهم يدعمون الديمقراطية التمثيلية بأغلبية ساحقة، يميلون إلى التمييز بين المؤسسات الديمقراطية وبين زخارفها الخارجية. وهم يعبرون عن سخط كبير على الفرص الضائعة الناتجة عن فشل الحوكمة، ويرون أن ثمة صلات مباشرة بين غياب التعددية السياسية وبين صعود موجات التطرف التى تواجه منطقة الشرق الأوسط.
أهم نتائج الدراسة:
• عبر الخبراء العرب الذين شملتهم الدراسة عن استيائهم الشديد من حكوماتهم. وعلى الرغم من أن العديد من الخبراء خدموا، ولايزال بعضهم مستمرا فى الخدمة، فى مناصب حكومية كبيرة، فإن أربعة فقط من بين 93 من المستطلعة آراؤهم من مصر والأردن ولبنان والإمارات العربية المتحدة عبروا عن رضاهم عن حكوماتهم. فيما كان الليبيون والسوريون واليمنيون صريحين بصورة خاصة فى وصف الانهيار العام لمؤسسات الدولة والشرعية الحاكمة.
• سئل الخبراء حول إمكانية تطبيق الديمقراطية فى بلدانهم، ستة فقط من 101 يعتقدون أن الديمقراطية ليست مناسبة لبلدهم. ومع ذلك، فإن لدى المجتمعات العربية قدرا كبيرا من الخبرة بالأنظمة السلطوية التى تتلاعب بمهارة بزخارف الديمقراطية لخلق قشرة رقيقة من الشرعية. فيما تحدث قلة من الخبراء عن الديمقراطية بنبرة مثالية، ويوضح عدد كبير منهم أن الحكم الديمقراطى ليس غاية فى حد ذاته بل هو آلية لتحسين المساءلة والتصدى للفساد.
• يريد الخبراء جيوشا قادرة على الدفاع عن سيادة دولها، لكن معظمهم يريدون أن يقتصر هذا الدور على الدفاع الخارجى. وعلى الرغم من التهديدات الأمنية المتزايدة، لا يدعو إلا واحد تقريبا من كل خمسة مشاركين إلى دور مباشر للجيش سواء فى توفير الاستقرار الداخلى أو فى حماية النظام السياسى الداخلى.
• يميل الخبراء إلى الرغبة فى الفصل بين المؤسسات الدينية والسياسية، ويعارض نحو ستة من عشرة خبراء صراحة أن يكون هناك دور للسلطات الدينية فى الحكم، فى حين يدعو نحو الربع لأن يكون لها دور استشارى محدود، مثل التوجيه الروحى وتعزيز التسامح. ويدعو واحد من كل عشرة إلى دور محدود للسلطات الدينية فى الحكم، مثل التفسير الشرعى والتعليم الدينى وإدارة قانون الأسرة، ولا يدعو أى من الخبراء لأن يكون للسلطات الدينية دور مباشر فى رسم السياسات الاستراتيجية.
• يفضل الخبراء وجود نظام اقتصادى مختلط مع الاحتفاظ بدور مهم للحكومة، ولا يشير معظمهم إلى مسائل السياسة المالية الفنية أو الضريبية أو التنظيمية بل إلى القضايا الأكثر جوهرية لمكافحة الفساد والحد من المحسوبية وتعزيز الشفافية. وهذا يشير، على الأقل بالنسبة إلى هؤلاء الخبراء، إلى أن التمييز الاقتصادى الأكثر إلحاحا للعديد من البلدان قد لا يتمثل بالنماذج المعينة التى تتبناها نظمها الاقتصادية بل بقدرة تلك النظم على التقيد بالمعايير الدولية للشفافية وسيادة القانون.
• فيما يتعلق بالدور الذى يجب أن تضطلع به الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، كان الخبراء متناقضين، وتضمنت آراءهم الكثير من الشك العميق بسياسات الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط. فطلب اثنان من كل عشرة من الولايات المتحدة وقف تدخلها، أو الحد من دورها العسكرى أو عدم الاضطلاع بأى دور على الإطلاق.