إرادة القتال وجيشنا العظيم

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 6 يوليه 2015 - 10:35 ص بتوقيت القاهرة

هل تذكرون ما قاله رئيس الأركان الأمريكى تعليقا على السهولة التى استولت بها عصابات داعش الإجرامية على أجزاء من شمال العراق، قال الرجل جملة مقتضبة: «الجيش العراقى لا يملك إرادة القتال».

كان الرجل مذهولاً من منظر الجنود العراقيين، يفرون أمام الإرهابيين الدواعش وقد تركوا خلفهم أسلحتهم وذخيرتهم، وقبل الاثنتين، شرف الجندية وكرامتها، لتمرغه هذه العصابات الإجرامية فى الوحل.

مشهد مثل هذا تمناه مرتزقة الدواعش حين وضعوا خططهم لمهاجمة نقاط الارتكاز الأمنية فى شمال سيناء، يوم احتفال المصريين بثورتهم العظمى فى ٣٠ يونيو، ثورتهم المصرية الخالصة، خالية التمويلات والمؤامرات والدعم الخارجى، ثورة الدولة بكل مكوناتها، ضد نظام إخوانى عميل أراد أن يسقطها ويفككها.

أرادت عصابات الدواعش أن تبرهن على ولائها لنظام رعاها وأخرج مجرميها من السجون وأسبغ عليها رعايته، أرادت أن تقدم ترجمة حرفية دقيقة لصرخة البلتاجى فى رابعة: «هذا الذى يحدث فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى يعلن فيها السيسى تراجعه عن الانقلاب»، أرادت أن تشارك مرسى ومرشده وإرشاده وتوابعهم الاحتفال بـ«الانقلاب» على طريقتهم، فاغتال أحد فصائلهم النائب العام، وزرع آخرون المتفجرات على قضبان السكة الحديد وأسفل أبراج الكهرباء، وفى الطرقات، سلسال قذر بعضه من بعض.

كان مخططهم هو إعلان دولتهم الجاهلية فى الشيخ زويد ورفع علمهم الأسود (سود الله وجوههم ) على قسم شرطتها، رمز السلطة فى المدينة، ثم نقل مقطع فيديو تبثه الجزيرة وخبر تنشره الأناضول وشركاؤهما عن ولاية سيناء الجديدة المنضوية تحت ولاية «الخليفة أبوبكر البغدادى».

حتى لو لم تدم هذه الولاية سوى بضع ساعات فإن الهدف يكون قد تحقق، وستتولى الجزيرة وشركاؤها تسويق الخبر، وستعمل آلة الأكاذيب الممولة دوليا بكامل طاقتها فى صحف العالم وعبر مواقع التواصل الاجتماعى ونشطاء السبوبة وهتيفة يسقط يسقط، كى تكبر كرة الثلج وتتحول الكذبة الصغيرة إلى دوامة من الأكاذيب.

كان الهدف هو الإيحاء بأن سقوط الدولة صار احتمالاً قائما، حتى لو كانت البداية بضعة كيلومترات قليلة وعلم أسود فوق قسم شرطة، وهى خطة جربها الدواعش فى بلدان عدة، حيث يبداون بمهاجمة الأطراف باعتبارها الأكثر رخاوة والأبعد عن سلطة الدولة المركزية والأقل صلابة ومنعة، وما أن يقيموا دولتهم على الأطراف، حتى يبدأوا بالتوسع عبر إثارة أكبر قدر من الفزع والرعب فى صفوف السكان، وإخضاعهم بالحديد والنار.

ولعلك لاحظت أن بعضهم سارع إلى لعب دوره المرسوم منذ اللحظات الأولى، وعزف كل على طريقته حين انهمرت الأنباء عن القتلى والأسرى بالعشرات فى صفوف الجيش، وعن سيطرة الدواعش على الشيخ زويد.

لكن الله خيب ظنهم ورد كيدهم فى نحورهم لسبب مهم جدا وبديهى جدا، لكنهم لم يضعوه فى الحسبان، إنها إرادة القتال التى يتحلى بها الجندى المصرى، والتى دفعته إلى مواجهة أطنان المتفجرات ومدافع الآر بى جى والصواريخ المضادة للطائرات بتسليحه المعتاد، فيقتل ويصيب منهم العشرات حتى قبل أن يصله المدد، وأتصور أن ما علمناه من سير المعركة وتضحيات أبطالنا، أقل بكثير مما سيتكشف لنا فى المستقبل.

السؤال الأهم هنا هو: هل ستتوقف داعش ومن وراءها عن محاولة إسقاط الدولة المصرية؟ قطعا لا، ستكون هناك جولات أخرى، ربما فى سيناء أو على حدود مصر الغربية والجنوبية.
قد يسقطون شهداء أو يفجرون كمائن بعمليات انتحارية، لكن ثق تماما، لن يسقطوا الدولة، ولن ينالوا من جيشنا العظيم ما بقيت إرادة القتال حية بين جنوده.

إرادة القتال التى لا يعرفها نشطاء السبوبة وعملاء الجمعيات إياها وهتيفة يسقط يسقط، هى الضامن لحياتى وحياتك، هى عقيدة الجندى الذى يفتدى حبات رمل بلاده بدمه.
حفظ الله مصر وجيشها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved