قنابل وجرينوف للبيع
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
السبت 6 أكتوبر 2012 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
فى إحدى قرى محافظة أسيوط غرب النيل والإبراهيمية، كان هناك خلاف عادى بين عائلتين، مع كثرة السلاح، وسهولة الحصول عليه، اختلف الوضع. العائلة الكبيرة اشترت الكثير من السلاح، والصغيرة اضطرت لبيع ما تملكه من أرض إضافة إلى «ذهب السيدات» كى تتسلح. قبل أسابيع تغيرت موازين القوى بصورة واضحة لأن العائلة الكبيرة حصلت على مدفع رشاش جرينوف وارد ليبيا.
وهكذا بدلا من توجيه المدخرات لشراء الذهب أو الأرض أو أى استثمار مفيد صار الجميع يقتنى السلاح حتى يضمن الحد الأدنى من الأمن المفقود.
القنبلة اليدوية العادية يمكنك أن تشتريها من سيدى برانى وبعض المناطق القريبة من الحدود مع ليبيا بثمانين جنيه، أما إذا أردت أن تتسلمها «ديلفرى» فى منزلك بأى قرية فى الصعيد فالسعر قد يصل إلى 200 جنيه.
وما ينطبق على القنبلة ينطبق على بقية أنواع الأسلحة، كلما اقتربت من المنبع كلما قل السعر، والعكس صحيح. هناك «ميكروباصات» صارت تعمل فقط فى نقل الأسلحة من مطروح إلى مدن الصعيد.
فى إجازة عيد الفطر المبارك الأخير، استمعت إلى قصص مرعبة عن سهولة تجارة السلاح الآتية عبر الحدود الليبية، لدرجة أن كثيرين يتحركون بسلاح آلى فى وضح النهار وأحيانا أمام جنود الشرطة.
يمكنك أن تشترى سلاحا آليا بخمسة آلاف جنيه فى مطروح، تسلمه إلى سائق الميكروباص «المضمون» فى مطروح، على أن تتسلمه فى قريتك أو مدينتك فى الصعيد وتدفع له ألف جنيه.
هى تجارة خطرة بالنسبة للسائق، لكن مرور الحمولة بأمان تعنى أنه يكسب أحيانا أكثر من عشرين ألف جنيه فى «النقلة الواحدة».
والطبيعى أن يسأل البعض: ألا توجد أى دورية أو كمين طوال الطريق من مطروح إلى مدن الصعيد؟!.
واقع الحال أن هذه الدوريات غابت لأوقات طويلة، وبدأت تعود هذه الأيام، بعضها كان «منظرة» وبعضها فعالا، ولذلك بدأت رحلات الميكروباص تسلك طرقا وعرة تصل إلى مقصدها.
وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين زار مطروح أسابيع والتقى بمشايخ ورموز العائلات والقبائل، وهناك خاطب أهالى مطروح بأنهم حراس بوابة مصر الغربية، وأن لهم دورا بطوليا فى التصدى لتجارة السلاح والمخدرات. الوزير قال إن تجارة الأسلحة الآتية من ليبيا هى أخطر تحدٍ أمنى يواجه مصر الآن.
غالبية أبناء مطروح يلعبون دورا مهما فى مساعدة أجهزة الدولة فى التصدى لتجارة الأسلحة، لكن السؤال كيف نواجه ذلك إذا كان التى يتورط فى هذه التجارة الآثمة بعض أبناء المحافظة ومعهم آخرون من خارج المنطقة.
تجارة الأسلحة صارت فى بعض المناطق أسهل من تجارة البطاطس أو الترمس، وإذا كنا نحن المواطنين العاديين نعرف هذه التفاصيل عن أسعار وأماكن الأسلحة المحرمة، فالمؤكد أن أجهزة الأمن تعرف أكثر منا عشرات المرات.
من حقنا أن نسأل لماذا لا نجفف منابع هذا السرطان فى مطروح حتى لا يتورم فى سيناء ومناطق أخرى.
ما الذى يمنع توجه أكبر عدد من الجنود لتدمير هذه البؤر الشيطانية؟.
لماذا تركنا الحدود «سداح مداح» حتى صارت هذه المنطقة خارج سيطرة الدولة؟.
والسؤال الأهم: هل لدى الحكومة ووزارة الداخلية خطة فعلية للقضاء على هذه التجارة واصطياد رءوسها الكبيرة؟.