ماذا نفعل مع حزب النور؟!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 6 أكتوبر 2015 - 8:25 ص
بتوقيت القاهرة
هل حزب النور حزب دينى ام سياسى؟!. السؤال بطبيعة الحال ساذج واجابته بديهية وهى انه حزب دينى بل ان قادته وكوادره كانوا يتباهون بذلك، حينما كانت الموضة فى الفترة من ١١ فبرابر ٢٠١١ إلى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ هى للأحزاب الدينية وغيرها. لكن السؤال ربما الأكثر منطقية هو: اذا كان حزب النور يقوم على اساس دينى، فهل معنى ذلك ان يتم حله فورا؟.
هناك اكثر من اجابة على هذا السؤال الذى بات يشغل الكثيرين هذه الأيام.
الإجابة الأولى والجاهزة هى ان تطبيق مواد الدستور على حزب النور تقود إلى حله فورا باعتبار ان دستور ٢٠١٤ يمنع تأسيس الأحزاب على اساس دينى أو طائفى، ثم ان العديد من سلوكيات الحزب تقول انه دينى، حتى لو ادخل الأقباط إلى صفوف قوائمه مضطرا ومكرها رضوخا لما نص عليه الدستور والقانون من وجود اقباط ونساء على قوائمه.
بعض قادة الحزب كانوا يجاهرون قبل ٣٠ يونيو، ويفتون بعدم جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم، وبالتالى فأغلب الظن ان معتقدات هؤلاء لم تتغير فحأة. الحزب ايضا لا يؤمن حقيقة بالمساواة بين المرأة والرجل، ولا يزال يخجل من وضع صور النساء المرشحات على لافتات دعايته مكتفيا بوضع وردة مكان الصورة!!!.
كل ذلك مفهوم ومنطقى، لكن هل يعنى ذلك ان يتم حل الحزب؟.
هنا تأتى الإجابة الثانية وهى المواءمة السياسية، وفيها تسأل الحكومة والأجهزة المختصة نفسها سؤالا مهما هو: بعيدا عن القانون والدستور، هل سيكون حل حزب النور الآن فى صالح المجتمع والدولة والاستقرار ام لا؟ وهل عندما ادى حزب النور خدمة جليلة للبلد حينما انحاز إلى ٣٠ يونيو ثم جلس فى مقدمة صورة ٣ يوليو وخريطة الطريق، ألم نكن نعلم انه حزب دينى، ورحبنا بذلك حتى لا نعطى الإخوان فرصة لتصوير الصراع وكأنه بين اسلاميين وغير اسلاميين؟!!.
والسؤال الأهم الذى ينبغى ان نسأله كثيرا وبالتفاصيل هو: ما هى المكاسب والخسائر، اذا تم حل الحزب بغض النظر عن طريقة الحل؟!..
شخصيا اتمنى من حزب النور ان يستجيب للنصيحة المخلصة التى قدمها له الباحث الاسلامى الجاد والمحترم كمال حبيب، حينما طالبه بأن يبادر إلى حل نفسه ويكتفى بالجانب الدعوى، حتى لا يخلط السياسى بالدعوى، فيسىء إلى المقدس الدينى بحثا عن مكاسب سياسية وقتية قد تكلفه الكثير من صورته ومستقبله، بل مستقبل الدعوة السلفية بالكامل.
لكن اذا اصر حزب النور على الاستمرار فى العملية السياسية، وهذا حقه، فربما كان من الأفضل ان تبدأ لجنة الأحزاب المختصة فى مراقبة سلوكه بدقة على الأرض، وان تراجعه فى أى قرار أو حتى بيان يشتم منه انه ينطلق من اساس دينى أو طائفى.
اتمنى ايضا ألا يلجأ الحزب، فى غمرة الصراع الانتخابى إلى مغازلة جماعة الإخوان بحثا عن اصوات انتخابية، وألا يتحول الحزب إلى قناة يعبر منها بعض ذوى الميول الإخوانية والمتطرفين، إلى مجلس النواب، وهناك مخاوف جدية تتردد فى هذا الشأن.
علينا ان نعطى حزب النور فرصة لنختبر صدقه على ارض الواقع، وان نصدق أو حتى نتطاهر بالتصديق بأنه حزب مدنى، وليس دينيا فربما استطعنا وقتها اقناعه فعلا بالعمل السياسى وترك الجانب الدعوى لمن يريد ان يتفرغ له.
مصر دولة غالبية سكانها من المسلمين، والإسلام تحديدا يتداخل إلى حد كبير مع الواقع المعاش، وإذا كانت الفطرة السليمة ومواد الدستور تتطلب منع الأحزاب القائمة على اساس دينى، فالمؤكد انه لا يمكن منع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وهناك فارق كبير بين الأمرين، نتمنى ان تدركه كل الأحزاب التى تاجرت ولا تزال تتاجر بالدين بحثا عن مصالح سياسية دنيوية، خصوصا بعد الثمن الفادح الذى تحمله المجتمع بأكمله جراء مغامرة جماعة الإخوان منذ محاولتها التكويش على كل البلد وحتى اتجاه غالبية شبابها إلى العنف والإرهاب.