توضيح لابد منه بشأن بيان رؤساء التحرير
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 6 نوفمبر 2014 - 7:55 ص
بتوقيت القاهرة
فى يوم الأحد 26 أكتوبر الماضى اجتمع رؤساء تحرير الصحف المصرية وأصدروا بيانا يدين العملية الإرهابية التى وقعت فى سيناء قبلها بيومين.
كنت أحد الذين حضروا الاجتماع، وفوجئت بعدها بعاصفة من الانتقادات من زملاء وأصدقاء وأساتذة وقراء كثيرين تعاملوا مع البيان باعتباره «تكميما للأفواه».
لن أدخل فى نوايا الزملاء الذين شاركوا فى الاجتماع وهل أرادوا ذلك أم لا، ولكن سأعرض بعض النقاط بسرعة شديدة علها تكون كاشفة للأمر فيما يتعلق بموقفى الشخصى وموقف جريدة «الشروق» التى أتشرف برئاسة تحريرها.
لم يكن الاجتماع وليد أى تخطيط، فقد تلقيت الدعوة من الزميل مجدى الجلاد مساء السبت للحضور لإدانة الإرهاب فرحبت على الفور لأن الجميع يعلنون إدانتهم للإرهاب، بما فيهم بعض أولئك المتورطين فى التحريض عليه.
فى الاجتماع داخل جريدة الوفد سألت بعض الزملاء عن مغزى عبارة الداعمين للإرهاب، وقلت ان تبنى «أنصار بيت المقدس» لعملية إرهابية هو خبر من حق القارئ أن يعرفه، وعندما أنشره فإننى لا أدعم الإرهاب وهو ما اقره الزملاء.
انتهى الاجتماع وطوال بقية اليوم ثم اليوم الذى يليه فوجئت بعدة فضائيات تسألنى عن مغزى البيان، وهل يعنى أن الصحف ستوقف نشر مقالات الرأى المعارضة للحكومة وللرئيس، فقلت لهم بوضوح ان ذلك غير صحيح بالمرة وإذا فهم البعض الأمر بهذه الصورة فهناك مشكلة فى صياغة البيان.
قلت ذلك فى حوالى سبع فضائيات مصرية كبيرة بما فيها القناة الأولى بالتليفزيون المصرى مساء أمس الأول الاثنين، والبى. بى. سى والعربية بل والتليفزيون الصينى، ودافعت بحرارة عن حرية الرأى.. ومن لا يصدق بيننا اليوتيوب. فهمت البيان باعتباره تنديدا بالعملية الإرهابية وليس تقييدا للرأى.
المحك العملى بالنسبة لى هو الممارسة على الأرض وليس الكلام المرسل وترجمة ذلك عمليا انه وبعد صدور البيان فإن أكثر من كاتب وكاتبة وجهوا انتقادات حادة له على صفحات الصحيفة. وبعدها نشرت «الشروق» البيان الذى أصدره مجموعة من الزملاء الصحفيين يعارضون فيه البيان بشدة، وهو ما لم تفعله صحف كثيرة.
كتب الأستاذ فهمى هويدى مقالين متتاليين عن البيان، الأول بعنوان «السيناريو الكابوس» وفيه يوجه انتقادات واسعة للبيان مبديا خشيته ان يكون مقدمة لتكميم الأفواه، وهذا رأيه، وفى اليوم التالى كتب انه لم ينجح أحد فى الاختبار الأول من رؤساء التحرير وأنهم تجنبوا تناول العديد من الوثائق السياسية المهمة.
للأسف الشديد يبدو أن الأستاذ فهمى لم يقرأ الصفحة الخامسة من جريدة «الشروق» يوم الاثنين 3 نوفمبر أى قبل نشر مقالته وفيها موضوع ليس مبتسرا ولا مختزلا على ثمانية أعمدة عنوانه «الشروق تنشر ملخص التقرير المشترك لـ43 منظمة عن حقوق الإنسان فى مصر». لم نتناول فيه فقط أن القضاء العسكرى لا يستوفى الحدود الدنيا للحياد، بل قلنا فى عنوان بارز إن قانون التظاهر يقيد حق التجمع السلمى.
نحن نفعل ذلك كل يوم وننشر بيانات المنظمات الحكومية المنتقدة للحكومة مثلما ننشر آراء الحكومة.. فماذا ينبغى علينا أن نفعل حتى ننجح فى الامتحان؟.
بطبيعة الحال لن ننشر المواد الدعائية التى تحرض على العنف وتمجده أو تلك التى تشكك بدأب فى القوات المسلحة، ليس فقط لأن ذلك ضد القانون ولكن لأنه ضد الوطن أيضا.
ختاما فإننى أقول لكل زميل بنقابة الصحفيين ولكل من يهمه الأمر.. لم يتغير شىء فى «الشروق».. نحن مع حرية كل الآراء فى إطار القانون وضد الإرهاب والإرهابيين والمروجين له والفيصل هو الممارسة. ويجدر بالذين يخشون من تكميم الأفواه ألا يتحولوا هم ايضا إلى ارهاب مخالفيهم فى الرأى.