القتل برعاية أمريكية
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 6 نوفمبر 2023 - 6:45 م
بتوقيت القاهرة
عندما سئل وزير الخارجية الأمريكى فى العاصمة الأردنية عمان عقب اجتماع مع عدد من نظرائه العرب عن عدد القتلى الذى تنتظره الولايات المتحدة حتى تتحرك لوقف النار فى غزة، بعد أن تجاوز الشهداء 10 آلاف والجرحى الـ25 ألفا، قال بكل تبجح إن وقف إطلاق النار لن يؤدى إلا إلى «إبقاء حماس فى مكانها»، مخيبا آمال الطرف العربى الذى ألح وزراؤه على وقف فورى للنار يجنب سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء.
بلينكن الذى عرف عن نفسه بأنه يهودى قبل أن يكون وزيرا للخارجية الأمريكية فى زيارته الأولى إلى تل أبيب عقب هجوم المقاومة الفلسطينية فى 7 أكتوبر الماضى على مستوطنات غلاف غزة، اكتفى خلال اجتماع عمان الذى عقد مطلع هذا الأسبوع، بالحديث عن «هدنة إنسانية» تتيح إدخال المزيد من المساعدات، على الرغم من حضه الإسرائيليين على الإسراع فى مهمة قتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين لكن «بشياكة»، وبما لا يغضب الرأى العام العالمى.
فقبل يوم واحد من اجتماعه مع وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، كان بلينكن منخرطا فى اجتماع مماثل مع الفريق الذى يقود الحرب فى إسرائيل، والذى يضم كلا من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، ووزير الدولة، بينى غانتس ورئيس أركان الجيش الإسرائيلى السابق غادى أيزنكوت، ووزير الشئون الاستراتيجية رون دريمر ومعهم رؤساء الأجهزة الأمنية.
وعلى عكس تجاهله للمطالب العربية بالوقف الفورى للعدوان على غزة، كرر بلينكن، خلال اجتماعه مع نتنياهو وطغمته، تأكيد التزامه بدعم إسرائيل فى عدوانها، لكنه تذمر، وفق ما تسرب عن اللقاء، من أنه على الرغم من «مرور نحو الشهر على شن الحرب والأسبوع الأول من الاجتياح البرى، لم يحقق الجيش الإسرائيلى شيئا ملموسا، مما يزيد العبء على الأمريكيين فى توفير الغطاء الدولى للإسرائيليين».
وبصورة أوضح قال بلينكن إن الجنرالات الأمريكيين كانوا ينتظرون أن تنجز هذه العمليات (الحربية) شيئا يتيح للجيش الإسرائيلى استعادة قوة ردعه واحترامه فى العالم، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ووجه كلامه لفريق الحرب الإسرائيلى قائلا: «أنتم تعرفون ولا شك أننا وفرنا لكم ولا نزال غطاء سياسيا دوليا كبيرا، لكن الوقت يمر والعالم يشاهد صور أطفال غزة، وينقلب ضدكم وضدنا».
وحتى يكون ذبح المدنيين الفلسطينيين بالشوكة والسكين على مائدة القتل الإسرائيلية تقمص وزير الدبلوماسية الأمريكية دور المخطط العسكرى، مطالبا جنرالات تل أبيب بتغيير «تكتيك الحرب»، حتى يحققوا انتصارا واضحا على «حماس»، ناصحا إياهم بتخفيف «القصف الجوى الجارف»، والعودة إلى «العمليات الجراحية العينية»، واستخدام «قنابل أخف تحدث ضررا عينيا وليس دمارا شاملا» لأن «التأييد( الغربى لإسرائيل) الذى كان جارفا فى 7 أكتوبر بدأ يتآكل بسرعة».
الغريب فى الأمر هو استمرار التعاطى العربى مع هذا الوزير الأمريكى الذى فقد أية مصداقية بإعلانه الانحياز السافر إلى تل أبيب، باعتباره يهوديا، بل والجلوس فى قمرة قيادة العدوان على غزة بشكل مفضوح.
وفى تقديرى فإن تشجيع بلينكن الواضح لاستمرار إسرائيل فى عدوانها على المدنيين الفلسطينيين حتى «تحقيق النصر» الذى يبدو عصيا حتى الآن، كان دافعا قويا، لوزير التراث الإسرائيلى عميحاى إلياهو لإطلاق تهديد بضرب غزة بقنبلة نووية، ما أوقع نتنياهو وحلفاءه فى الداخل والخارج فى حرج بالغ، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية اكتفى بتجميد حضور الوزير، الذى وصفه تصريحاته بأنها غير مسئولة، اجتماعات الحكومة لأجل غير مسمى!!
دخل العدوان الإسرائيلى على غزة شهره الثانى بتمسك إسرائيل بعملية عسكرية ذات سقف زمنى مفتوح، واستعجال أمريكى لاختصارها، لأن وقت التأييد الغربى بدأ ينفد مع التظاهرات التى تتصاعد فى الشوارع الأوروبية والأمريكية، لكن لا خلاف فى واشنطن وتل أبيب على رفض وقف إطلاق النار أو القتل بالأحرى، حتى إشعار آخر.