أسيوط إلى أين؟
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 6 ديسمبر 2011 - 8:50 ص
بتوقيت القاهرة
مساء الجمعة الماضى، كان يفترض أن يتحرك القطار رقم 872 من رمسيس إلى أسيوط فى موعده المعتاد وهو السادسة مساء، لكنه تأخر لمدة 45 دقيقة لتأخر وصول الجرار، وعندما تسأل ولماذا اختفى الجرار، لا أحد يجيبك.
انطلق القطار، لكنه ظل «راكنا» فى محطة الجيزة نحو ساعتين لأن بعض أهالى منيل شيحة قطعوا الطريق احتجاجا على عدم وجود أنابيب البوتاجاز.
بعض الركاب زهق وقرر إلغاء السفر، وفى هذه اللحظة «انفرج الموقف» وتحرك القطار من دون تنبيه قوى فدهس أحد الركاب، وكاد أهله يفتكون بالسائق.
تحالف نقص الكفاءة مع غياب سلطة وهيبة ودور الدولة يجعل البسطاء ــ وأحيانا بعض المتعلمين ــ يكفرون بكل شىء، من الثورة إلى الأمل فى غد أفضل.
فى هذا اللقاء المفتوح ــ الذى أداره القاص فراج فتح الله ــ سأل الحاضرون ــ وهم جمع من ذهبت إلى أسيوط بدعوة كريمة من نادى الأدب بقصر ثقافة أسيوط برفقة الصديق والكاتب محمد على خير للحديث عن «مصر إلى أين؟!». وهو عنوان ــ كما ترون ــ لم يعرف حسنى مبارك إجابته أثناء حكمه، ولا يستطيع أحد فينا الآن أن يزعم معرفته بعد الزلازل التى تضربنا كل يوم.
الشباب والطلاب وبعض مبدعى أسيوط ــ فى كل شىء، ولكن المحور الرئيسى كان متعلقا بتداعيات الانتخابات والمستقبل.
أسيوط لها طبيعة خاصة، ففيها كان الزواج القسرى بين سلطة السادات والإسلاميين لضرب المشروع الناصرى فى بداية السبعينيات، وفيها نشأت الجماعات الإسلامية التى قتلت السادات عام 1981 وهى أيضا التى شهدت تفجر موجة العنف غير المسبوقة عام 1990 بين الشرطة والجهاديين فى ديروط.
نوعية الأسئلة ونوعية الحاضرين، عكست التنوع الموجود فى المجتمع، كان هناك الإخوانى والسلفى والكنسى بجانب الماركسى والوفدى والناصرى.
التصنيفات ــ التى كنا نظنها بديهية ــ سقطت فى أسيوط مثلما سقطت أشياء كثيرة. كان هناك خوف مزمن من قوة الفلول فى أسيوط، ثم تبين أن ذلك لم يكن صحيحا، بل إن أهم رموز الحزب الوطنى ربما فى الصعيد بأكمله وهو محمد عبدالمحسن صالح سقط سقوطا مدويا هناك. البعض ــ خصوصا الذين فى قلوبهم مرض ــ حاولوا اللعب بالورقة الطائفية وانتشرت منشورات كثيرة مسيئة تحاول النفخ فى الشعارات الطائفية، لكن غالبية الأسايطة واعون لهذه اللعبة، يساعدهم فى ذلك وجود رموز محترمة مثل زياد احمد بهاء الدين المثقف والاقتصادى البارع على رأس قائمة الكتلة المصرية والدكتور محمد سلامة بكر مرشح المقعد الفردى فئات فى دائرة ديروط والقوصية ومنفلوط عن حزب الحرية والعدالة ويمكن وصفه بكل ثقة أنه مرشح تتشرف به أى قائمة وأى حزب لأنه شخصية تنال ثقة واحترام الجميع... والمعنى هنا أن الأشخاص الجيدين قاطرات جيدة للأحزاب الجديدة وأن المشكلة كانت فى فساد نظام مبارك وفساد من يرشحهم.
رغم كل السلبيات التى يمكن قولها عن هذه الانتخابات، فلا يمكن مقارنتها بالايجابيات الضخمة وأهمها أن القرار صار للناس العاديين. قد يسأل البعض، وما هى العلاقة بين تأخر القطار والانتخابات، أو العلاقة بين هذا المرشح أو ذاك.
العلاقة باختصار أنه من دون أن تتحسن الخدمات فلن يشعر أى مواطن بحدوث تغير، وأن استمرار غياب سلطة الدولة خطر داهم يتهددنا.
ثم إن الأهم هو أن يمكننا أن نهزم التطرف الطائفى ــ فى أقوى معاقله ــ إذا خلصت النوايا.