روسيا تشن حربًا غير تقليدية ضد الولايات المتحدة والأخيرة تشجعها
العالم يفكر
آخر تحديث:
الثلاثاء 7 يناير 2020 - 10:35 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع defence one مقالا للكاتبة SARAH CHAYES تناولت فيه استراتيجية وتكتيكات روسيا لبسط نفوذها على الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة واتباعها أساليب غير تقليدية لتحقيق ذلك... ونعرض منه ما يلى:
منذ وقت ليس ببعيد، شاهدت حركة طالبان تخسر معارك كبيرة فى أفغانستان وبعد ذلك تسللت إلى نفس المناطق مرة أخرى محققة مكاسب استراتيجية. الآن أشاهد موسكو تفعل الشىء نفسه، داخل الأرض الأمريكية، ومجلس الأمن القومى نادرا ما يستجيب ويصد هذا التدخل الروسى. لقد حان الوقت لمواجهة هذا التهديد بقوة مناسبة. وهذا يعنى شن حملة عامة لتقوية اقتصادنا وبالطبع المطالبة العلنية بإقالة وعزل الرئيس المدافع عن الرئيس الروسى، الرئيس دونالد ترامب من منصبه.
لم يكن لهذا الاختراق أن يحدث خلال الحرب الباردة. لكن التقارب مع روسيا وسياستنا الوديعة معها جعلنى أتذكر أفغانستان، حيث شاهدت هناك وعن قرب حربا غير متكافئة. فى عام 2007، اجتاحت حركة طالبان منطقة «أرغنداب» ورقصت فوق أسطح منازلها.
استغرق الأمر من قوات الناتو التى تقودها الولايات المتحدة أربعة أيام لشن هجوم مضاد عنيف ضد طالبان. وعلى إثر الهجوم قامت طالبان بانسحاب استراتيجى ورجعت إلى معاقلهم الجبلية. وعادت قوات حلف الناتو إلى قاعدتها جنوب المدينة، محتفلة بصوت عال بفوزها.
لكن ذلك لم يكن نهاية القصة. كان الهدف من اعتداءات طالبان هو توجيه رسالة. فبعد أسابيع قليلة من هجوم الناتو، بدأت طالبان فى الخروج من معاقلهم فى الجبال ولم يجرؤ سوى قلة من سكان «أرغنداب» على رفضهم أو الامتناع عن تقديم الطعام لهم... تم رفض عمليات اغتيالات لقادة فى طالبان على أساس أنهم شنوا هجمة إرهابية واحدة ولن تتكرر واعتقدوا أن علامات «اليأس» ظهرت على طالبان وأنها «عاجزة عن السيطرة على الأرض». بحلول الربيع، كانوا يمتلكون مقاطعة «أرغنداب».
كانت الحرب الباردة مثالا على المواجهة العسكرية التقليدية. أعد كل الأمريكيين والروس العتاد لصد أى هجمات من جانب أى طرف منهم. وعندما انهار الاتحاد السوفيتى عام 1991، احتفل الأمريكيون بهذا النصر التاريخى، تماما كما فعلت القوات الدولية فى عام 2007.
لم تكن هذه نهاية القصة أيضا، فقد عادت روسيا مستخدمة تكتيكات غير تقليدية. تماما مثل المتمردين الأفغان، تسعى هذه الأساليب قبل كل شىء إلى إضعاف السكان المستهدفين نفسيا. بعض التحركات سرية، مثل الاختراق السرى لحسابات البريد الإلكترونى للجنة الوطنية الديمقراطية فى عام 2016. ولكن أكثر الأساليب فاعلية ووضوحا هى استخدام الأموال. لسنوات طويلة، يعمل كبار الشخصيات المرتبطين ببوتين بشق طريقهم للوصول إلى أعلى مستويات الاقتصاد الأمريكى، والاجتماعى، والسياسى.
واحد من أكثر الشخصيات ذكاء هو ليونيد «لين» بلافاتنيك، الذى كون ثرواته فى التسعينيات من خلال علاقاته مع العصابات الإجرامية والمسئولين الحكوميين الذين جردوا بلادهم من ثرواتها الثمينة. حصل على الجنسية البريطانية. ومن خلال إغداق ثرواته ــ المشكوك فيها ــ على المؤسسات المرموقة، مثل جامعتى أوكسفورد وهارفارد، ومجلس العلاقات الخارجية استطاع الوصول إلى أكثر الدوائر نفوذا مثل التعليم وصناعة السياسات.
هناك أيضا قلة مرتبطة بروسيا تقوم بالتوغل فى أمريكا عن طريق الاستثمار الخاص. يعتبر بلافاتنيك أحد المساهمين الرئيسيين فى شركة روسال (Rusal) ــ الشركة الروسية التى أنشأت مصنعا ضخما للألومنيوم فى ولاية كنتاكى. كما تمتلك Altpoint Capital التابعة لفلاديمير بوتانين شركة تقوم بتخزين بيانات الناخبين فى ولاية ماريلاند وتقديم البيانات إلى وزارة الدفاع الروسية.
ثم هناك تلك الاستثمارات الروسية ــ والتى وقعت فى توقيت جيد ــ فى إمبراطورية ترامب الضخمة من الممتلكات العقارية. أحد أبرزها شراء Dmitry Rybolovlev لقصر Palm Beach. وهناك ريبولوفليف، أحد سكان موناكو، والذى يقع تحت طائلة الاتهام هناك فى تحقيقات فساد واسعة.
خلال الـ18 شهرا الماضية فقط، سعى ترامب إلى إقناع روسيا بدخول مجموعة السبع، وحط من شأن حلف شمال الأطلسى، وسمح لتركيا بشراء صواريخ روسية مضادة للطائرات، وخفف من العقوبات عن رجل أعمال له علاقات عميقة مع بوتين (حتى تتمكن شركته من الاستثمار فى مصنع الألومنيوم الاستراتيجى) وأمر فجأة بسحب القوات الأمريكية من سوريا. روج ترامب أيضا لرواية حول أوكرانيا، والتى تم طبخها فى الكرملين، والتى تعمل على مساعدة روسيا فى إفساد الانتخابات الأمريكية وشل دولة يريد بوتين تفكيكها. ودعونا لا ننسى لغة رئيسنا المذهلة وتصريحاته فى قمة يوليو 2018 مع بوتين فى هلسنكى.
إن إقالة الرئيس ترامب وعزله من منصبه خطوة سياسية، لكن رؤية الحدث بهذه الطريقة هو حجة وخدعة. فى هذا السياق الخطير الذى نشهدهــ من تقارب ترامب لروسياــ لابد من اتخاذ تدابير أمنية طارئة. يجب علينا فى مجتمع الأمن القومى شن حملة تحذر الأفراد والمؤسسات من التقارب مع روسيا. فعندما تغرى أموال موسكو مؤسسات الفكر أو الشركات التى تخدمها، أو الشركات التى تقدم لها النصح، يجب أن نشك فى قيادتهم. لكن قبل كل شىء، يجب أن نطالب بأن يتم كبح المسئول الأمريكى الذى يبيع هذه البلاد لعدوه الأكثر خطرا وتهديداــ والآن، ليس بعد عام طويل من الآن.
إعداد/ ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى