وأما بعد

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 7 فبراير 2011 - 11:50 ص بتوقيت القاهرة

 أيا ما كانت الطريقة التى سينهى بها الرئيس مبارك ثلاثين عاما من حكمه، فإن الأمر المؤكد أن ثورة الشباب نجحت فى تحقيق أهدافها:

لن يحكمنا الرئيس مبارك حتى يبلغ التسعين من عمره، وهو الذى توعدنا فى واحدة من مأثوراته العنيدة، مستجيبا لرهط المنافقين والمنتفعين من حوله، بأنه سيواصل حكمه وتحكمه فينا «مادام فى الصدر قلب ينبض».

انتهت إلى الأبد أسطورة التوريث، التى من أجلها غيروا الدستور وزوروا الانتخابات وحاصروا المعارضين، وسقط معها حكم العائلة، ذلك العار الذى انتبهت إليه القوى الوطنية على اختلاف توجهاتها، وقاومته حركات الرفض السياسى والاجتماعى من كل الأطياف.

تهاوت أركان الحزب الحاكم وتساقطت أعمدته واحدا تلو الآخر، وسقطت عنه آخر ورقة توت، تحت سنابك الخيل وخفوف الجمال، فى مشهد همجى رآه العالم كله،يذكرك بغزوات التتار، أعداء الحضارة والإنسانية.

بدأت مشاورات تعديل الدستور، التى لا أظن أنها ستنتهى عند تعديل المادتين 76 و77 الخاصتين بطريقة الترشح لمنصب الرئاسة ومدته، ولا حتى بالمادة 88 التى تشير إلى الإشراف القضائى على الانتخابات بما يضمن نزاهتها، وإنما سيمتد إلى مواد أخرى، وربما نشهد خلال عامين على الأكثر دستورا جديدا للبلاد، أكثر انسجاما مع العصر، وأكثر تعبيرا عن أشواق الناس فى العدل والحرية.

وسيسقط البرلمان من تلقائه خلال شهور قلائل، فما بنى على باطل، يلاحقه البطلان حتى لو كان سيد قراره.

أريد أن أقول إن القوى الوطنية، وشباب مصر فى طليعتها، مطالبون من الآن بالتفكير فى مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، مطالبون بوضع أنساق جديدة لحياة مغايرة، تستعيد مصر من خاطفيها، وتسترد أراضيها وثرواتها التى نهبها عز ورفاقه، مطالبون برسم صورة جديدة لبلدهم على خريطة العالم، صورة تليق بمصر الكبيرة المتحابة المنفتحة، أم الدنيا التى لم يعرفوا قدرها فقزّموها وأفقروها، كى تمتلئ كروشهم وتنتفخ أوداجهم.

نريد أن نرى انعكاس هذه الانتفاضة العظيمة فى التعليم والصحة والإسكان والمواصلات والزراعة والصناعة وكل أوجه حياتنا.

نريد أن نرى توزيعا عادلا للثروة يخفف حدة الفقر فى ربوع بلادنا، نريد استغلالا أمثل لمواردنا وعلى رأسها مواردنا البشرية، فشباب مصر الذى دفع من دمائه ثمنا لهذه اللحظة التاريخية الفارقة، هم أصحاب الحق فى المستقبل، ولا يجوز أن يتركوا نهبا للبطالة والإحباط واليأس.

لقد أسقطت ثورة المصريين حكم المافيا، وآن أوان دولة العدل والحرية والقانون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved