«السبع أفندى»
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 7 فبراير 2020 - 9:25 م
بتوقيت القاهرة
الفيلم حالة مزاجية فى المقام الأول، فقد تشاهده مرة وتبدو معجبا به، لكن فى مرة أخرى قد يتغير المزاج تماما، وذلك باعتبار أن الكثيرين منا يشاهدون الأفلام القديمة إما فى محطات التلفزيون أو يبحثون عنها على اليوتيوب، وبالنسبة لفيلم «السبع أفندى» الذى أخرجه وأنتجه أحمد خورشيد 1951، فإنه حالة غريبة جدا، ففى البداية فأنت لا ترفى فى مشاهدة فيلم يقوم ببطولته كله الممثل سعيد أبوبكر، أو سفروت السينما فى منتصف القرن، البطل المطلق هنا، لدرجة أن شادية تبدو بالنسبة لدورها مجرد ممثلة مساعدة تظهر فى النصف الثانى من الفيلم، بالاضافة إلى أدوار جسدها كل من سراج منير، وفريد شوقى، وأسماء كثيرة كانوا فى البدايات ومنهم توفيق الدقن، وعدلي.. وبالنسبة لمدى الاعجاب بالفيلم فإنك لابد أن تقف مندهشا فى المشاهد الأولى، حيث تم إعدادها بحرفية ملحوظة، وهى المشاهد التى تصور العلاقة بين سكر عبود، موظف الأرشيف فى إحدى الشركات الخاصة وبين مدير الشركة، وأيضا المشهد الذى يتم فيه فحص سكر فى عيادة الطبيب، حيث سوف تلاحظ أننا امام شخصين متباينين فى التكوين والاسماء والمكانة الوظيفية، فكأنهما لوريل وهاردى، أو توم وجيرى، وقد تم تنفيذ المشاهد بإيقاع سريع خفيق بشكل يرضى المشاهد باعتبار أن الفيلم يحمل اسما ساخرا، يعرفه المصريون من خلال الشخصية التى ابتكرها رخا فى رسوماته، وأن السبع أفندى هو سعيد ابو بكر، فلا هو بالسبع، وإن كان يمكن أن يكون أفنديا، أما الشىء الذى ستتوقف عنده أن الفيلم كله يأخد نمط السينما المصرية فى تلك المرحلة، فأغلب الأحداث لا تخرج عن الكباريه، الذى يذهب اليه سكر أفندى، وهناك يتعرف على البنت المسكينة التى أجبرها شريك أبيها على الغناء أمام الزبائن، ويحاول سكر انقاذها منه، وايقاع رئيس العصابة فى أيدى العدالة، وبالتالى فإن الفأر ينتصر فى تلك المعارك على خصومه، فقد نجح فى إيداع المدير مستشفى الأمراض العقلية، وهكذا ينتصر الضعيف فى معاركه، ومن الواضح أن الفيلم استوحى الكثير من مواقفه من السينما الأمريكية، حين يكتشف سكر أن لديه القدرة هلى اختراق الحوائط ما يسهل له امورا كثيرة منها التخفى من خصومه، لكنه أبدا لم يستغل الأمر فى اعمال السرقة، قد ظلت هذه الموهبة معه إلى الأبد، لم يكن لها موعد محدد مثلما فى افلام الخوارق، كالفانوس السحرى مثلا، وفى الاشارة إلى الفيلم على اليوتيوب إنه فيلم خيال علمى نادر، وهذا ليس بصحيح، فالمرور من الجدران ليس له تفسير علمى، إلا أنه يدخل فى إطار الفانتازيا، ولكننا سنبقى داخل أماكن ضيقة جدا تتمثل فى المكتب، والبيت ثم الكباريه، خاصة هذا الأخير الذى يشهد يوميا حكايات متكررة للعاهرات اللاتى يطلبن مناداة الزبائن، وسكر هو الزبون الذى ينال علقة ساخنة، بعد ان سرقت نقوده خارج المكان، ثم هو نفسه الذى يعاملونه بوقار شديد بعد ان امتلأت جيوبه بالنقود.. نحن أمام التجربة الأولى والأخيرة التى قام فيها أحمد خورشيد بالاخراج، وقد اهدى الفيلم إلى استاذه أحمد سالم، كما أننا لم نسمع ابدا باسماء كاتبى السيناريو وهما: فريد صندية، وزكى يوسف، ولعلهما بالتأكيد من الهواة، فلا شك أننا أمام مغامرة سينمائية، لكنها كانت محسوبة من ناحية تواجد جميع الأسماء حول ممثل تتم المراهنة عليه، دون الأخذ فى الحسبان إن كان سيظل نجما أم سيعود إلى الصفوف الثانية، ومن الواضح ان السيناريو رأى امامه السبع افندى فأدخله فى الكثير من الحكايات سواء كلص خزائن، أو مفلس يتردد على الكباريه، فقد نسى الفيلم فى المشاهد الأخيرة أن السبع أفندى يمكنه اختراق الحوائط فرأيناه أثناء المطاردات يمر من الأبواب فقط، وبالتالى فنحن امام البطل المفرد الذى لم يكم له سوى زملاء عابرين، قبل أن يقع فى قصة حبه، يحاول الايقاع بصاحب الكباريه، وأن يتزوج من حبيبته، وبعد إخراج أبيها من مستشفى المجانين.