حكايتى مع كورونا
خولة مطر
آخر تحديث:
الأحد 7 فبراير 2021 - 8:10 م
بتوقيت القاهرة
وفى الشهر السادس ردد أنها مؤامرة لا تكترثى قاوميها بالثوم والبصل.. وجاءت الرسائل المتشابهة وازدحمت بها كل صناديق التواصل من واتس آب إلى ماسنجر إلخ إلخ.. كثيرون أصيبوا بالهلع ولكن غيرهم فاحت من رسائلهم نظريات المؤامرة وروائح البصل والثوم...
***
حلّ الفيروس الخبيث فجأة اخترق كل الخلايا وأثقل بحمله ولم تكن عوارضه خفيفة كما قال لى الكثيرون من الأصدقاء والمعارف فى بقاع الكون المختلفة، بل نزل بثقله من درجات حرارة مرتفعة إلى ضيق فى التنفس وأوجاع بالجسد وصداع لا ينتهى ولا تسكنه حبة البندول المعتادة..
***
ودعنا السنة بهدوء شديد ربما خوفا من إيقاظ شياطينها.. جلسنا نردد ارحلى دون عودة وفى بواطن الأمور كنا نتمنى أن نكسر كل «القلل» خلفها ونردد «روحة دون رجعة».. كم كانت ثقيلة ومؤلمة بل موجعة حد الخدر.. وفى اليوم الأول من العام الجديد بدأ الفيروس يدخل لنا، حلقتنا الضيقة واحد خلف الآخر فالعدوى فى المرض أسرع من العدوى فى الحب مع الأسف الشديد!!!
***
كانت سنة ولا كل السنين، طويلة بل هكذا بدأت حتى خلنا أنها لن تنتهى أبدا بل كان من الأفضل تسميتها سنوات 2020!!! ازدحمت فيها الآلام والأوجاع وأغرقتنا الدموع حتى أصبحت أكثر من البحيرات والأنهار الجافة فى قحط أوطاننا!! وفى صباح اليوم الأول من 2021 قلنا على عكس السهرانين سنصحو مبكرا ونستقبل شمس عام جديد وحدنا فالطرقات خاوية والمحلات مغلقة أبوابها التى بقيت حتى ساعات الصباح الأولى فى هذه المدينة التى كانت تصدر الفرح فأصبحت تبحث عن دقائق منه تستوردها أو حتى تستلفها رحنا محاولين أن نرفع من أصوات الموسيقى لتغتسل الروح قبل الجسد وليمضى اليوم فى بعض من الاسترخاء فى الضحك..
***
انقض الفيروس فى أول يوم، بل ربما كان يتجول من هنا وهناك. بقى السؤال الأكثر حضورا حتى اللحظة «من أين؟» و«كيف؟» وكل منا يعيد تذكر الأيام الخمسة الأخيرة بل ربما العشرة أو العشرين.. بعد أيام طويلة من مقاومة لا تنتهى ليلا نهارا ضد أن يفترس الفيروس اللعين تلك الرئة أو القلب المتعبين.. بعدها وقد انخفضت درجات الحرارة وتحسن التنفس بعض الشىء رغم أن حواس الشم والتذوق قد اختفت، إلا أن الحالة العامة وبعد «كفاح» و«نضال» مستمرين لمدة أكثر من ثلاثة أسابيع قد بدأت تسترجع عافيتها، قال الطبيب لا تطرحوا الأسئلة فلا إجابات لدى ولا عند غيرى.. «قد تكونوا أخذتم الفيروس من المصعد».. نعم المصعد أو أى مكان آخر.. المهم أن عليكم إدراك أنكم دخلتم فصيلة «الناجون من كورونا» والأرقام تتكاثر وترتفع بين الذين سقطوا ضحايا لها.. هو الآخر، أى ذاك الطبيب المشهور بل ربما علينا أن نطلق عليه تسمية جديدة «الرفيق المناضل» أليست مقاومة هذا الفيروس نضالا بحد ذاتها؟؟ هو الآخر «قد مر بها» أو هى عبرت على جسده ثم رحلت لتتركه هزيلا ضعيفا وهو الشاب القوى...
***
فى البدء قيل احذروا كبار السن فهى تفتك بهم ومع الوقت تحول الفيروس إلى قاتل يطارد الجميع حتى الشباب والصغار.. هذا لديه أمراض مزمنة كالسكرى أو الضغط أو أمراض قلب أو أمراض رئة ولكن رددت تلك الصديقة «أنا ليست لدى أى أمراض بل أمارس الرياضة بشكل يومى وأحافظ على أكلى وشربى ووو»، أى إنها بصحة جيدة ومع ذلك راح الفيروس ينهش فيها حتى كاد يفترسها لولا أنها لحقت نفسها باستشارة ومتابعة طبيب عرف كيف يتصرف بشكل مبكر واستطاعت أن تجد أكبر كنز فى مثل تلك اللحظات أى «الأكسجين» الذى توفر لها فى المنزل قبل أن تضطر للانتقال إلى المستشفى..
***
خلاصة المقاومة للفيروس أنه عندما يحس الفرد بأى أعراض قد تبدو هى كما نزلة البرد أو الإنفلونزا، عليه أو عليها أن يتصرفوا على أنها كورونا «المجنونة» بمعنى أن المرض أو أى مرض فى هذه المرحلة هو كورونا حتى «يثبت براءته» منها وليس العكس.. وعلى المريض أن لا يغفل متابعة الطبيب وأن يتحرك سريعا فقد يسرع الفيروس والوقت هو الآخر من العوامل المهمة فى المواجهة أو «المقاومة» وعدم الاستماع لأحاديث كثير من «غير المتعلمين» أو مدعى الفهم فى الطب أو نشطاء وسائل التواصل المنغمسين فى «الفتاوى» الجاهزة.. النصيحة الأهم أن لا تتابع أخبار كورونا تفاديا للاكتئاب أو حتى وفى أبسط الأحوال الخوف المرضى أو الرهاب والعزلة..
***
إنها الحرب العالمية الثالثة فهل نقاومها بالبصل والثوم كما قاوم كثيرون فى «الزمانات» الطائرات المقاتلة والصواريخ «الذكية» بالحروب الكلامية أو السيوف والمقالع ومدافع رمضان؟!!