متى تتفق طهران وتل أبيب؟
نادر بكار
آخر تحديث:
الثلاثاء 7 أبريل 2015 - 9:15 ص
بتوقيت القاهرة
بحسابات الحاضر والمستقبل حصل الإيرانيون على كل شىء وبإزائهم لم يخسر الغربيون أى شىء.. الإيرانيون حصلوا على اعتراف غربى ضمنى بالإمبراطورية الفارسية الجديدة، الإيرانيون ضمنوا غض الطرف عن التمدد الفارسى فى العراق وسوريا ولبنان، الإيرانيون كسبوا زيادة سنوية فى عائدات النفط تقدر بستين مليارا من الدولارات دفعة واحدة بعد رفع العقوبات.. وكل التزامات طهران فى المقابل هى هدنة التقاط أنفاس مؤمنة المخاطر غير باهظة التكلفة حتى ولو كانت تأجيلا للحلم النووى، فما تحقق على الأرض بدونه أكبر بكثير من عبء تحمل إتمامه على الأقل فى الفترة الراهنة.
قبلنا نحن مضطرين تركيز جهودنا على تحرير اليمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفضل الإيرانيون فى الوقت نفسه التراجع التكتيكى عن التمدد فى هذه البقعة البعيدة نسبيا من ناحية الجغرافيا رغم قربها من ناحية البيئة الأيديولوجية الخصبة.. لكن الرهان على المكون (الحوثى) كعامل مهدد لاستقرار اليمن سيظل ورقة ضغط رابحة فى يد طهران تلوح بها من حين لآخر حسب الحاجة.
رفضت أغلبية الكونجرس الأمريكى رفضا لن يؤثر من وجهة نظرى على اتجاه دوران العجلة، قد يبطئ سيرها لكنه لن يوقفها أو يحول مسارها.
وتل أبيب رغم كل صياحها ووعيدها تعلم استحالة انفرادها بعمل عسكرى مباشر ضد طهران.. اتفاق طهران وتل أبيب ليس مستحيلا لكنه غير مرغوب فيه، اتفاق سيضعف جدوى وجود حزب الله فى لبنان فما حاجة إيران إليه؟ اتفاق سيضعف حجة اليمين الإسرائيلى العنصرى أمام شعبه فما حاجة حكومة تل ابيب إليه؟ لكن يبقى أن كل شىء قابل للتجزئة والتفاهم بين الاثنين ولو بشكل ضمنى.
الإيرانيون يدركون جيدا أن لكل مكسب استراتيجى خسائر تكتيكية لابد من تحملها، ولعل التصدع الكبير الذى لحق بأسطورة (المقاوم الأوحد) القادر على مجابهة إسرائيل هو أحد أبرز هذه الخسائر المرحلية، على الأقل فى نظر الشعوب العربية البسيطة.. ويكفى تذكر مشهد شوارع القاهرة تعج بصور (نصر الله) زعيم حزب الله اللبنانى الإيرانى إبان حرب العام ٢٠٠٦ تأييدا واحتفاء ومقارنتها بالمزاج الشعبى العربى العام المؤيد لعاصفة الحزم بعد تسع سنوات لإدراك حجم هذه الخسارة.
ورغم ذلك فالإيرانيون قبل غيرهم يدركون استحالة التفاوض العلنى الرسمى مع (تل أبيب) سواء أكان التحاور من أجل إزالة المخاوف أو لترتيب الوضع فى المناطق الحساسة مشتركة الاهتمام.. طهران لن تتحمل تصدعا أكبر يلحق بركن أساسى من أركان دعايتها الدينية والسياسية منذ ثورة الخومينى وحتى اليوم.. الركن الذى يشكل مع غيره زمام سيطرة محكم للنظام القمعى الإيرانى على شعبه فى الداخل وذريعة توسعية جاهزة ومضمونة لأذرعته فى الخارج.