القراءة بصوت مرتفع
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأحد 7 أبريل 2024 - 8:35 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالًا للكاتب حسن مدن، تناول فيه إيجابيات القراءة بصوت مسموع منها، المساعدة على فهم أفضل للنص المقروء وتحسين الأداء الصوتى.. نعرض من المقال ما يلى: ما هى نسبة من لا يفضّلون القراءة بصوت مرتفع، بدلًا من القراءة الصامتة؟ الأرجح أنها نسبة ضئيلة، ولسنا فى مجال المفاضلة بين نوعَى القراءة، بصوت مسموع أو بصمت، فلكل منهما ضروراته وتوقيتاته، ولكننا إزاء مقاربة قدّمتها تربوية فرنسية نشرت مجلة «الثقافة العالمية» ترجمة لها من وضع حافظ إدوخراز، وفيها تؤكد أريكا قودة، وهو اسم الباحثة، أهمية القراءة بصوت مرتفع فى فهم النصوص المقروءة، وهذا هو سبب حرص المؤسسات التعليمية، وكذلك العائلات على تعليم الأطفال بعد دخولهم المدارس على القراءة بصوت مرتفع، بخاصة أن ذلك يتيح للبالغين تقييم مدى تمكّن الطفل من القراءة الصحيحة، لكن المفارقة هى أنه ما أن يتمكن الطفل من القراءة بطلاقة حتى يجرى التخلى عن هذه الممارسة.
وفق هذه المقاربة التربوية فإن القراءة بصوت مرتفع ضرورة لفهم النصوص المقروءة، ولا يحدث ذلك بارتجال القراءة بصوت مسموع، وإنما يتطلب التدرّب والتمرّن، وهذا ما يفعله أبطال القراءة الصغار، الذين يشاركون فى المسابقات التى تقام لهذا الغرض، حيث يتدربون على تحسين أدائهم الشفهى فى القراءة، المختلف كثيرا عن القراءة الصامتة، التى لا يختبر فيها التلميذ مدى صحة نطقه للمفردات.
والأمر يتعدى حدود الأداء الصوتى، ويتصل بما للقراءة بصوت مسموع من علاقة بشحذ التفكير، وهناك مقاربة أخرى تسلط الضوء على هذا الأمر، حتى إن جاءت فى سياق مختلف لا يتعلق بثنائية القراءة الشفاهية والصامتة، وإنما بثنائية الكتابة والتعبير الشفهى، نستوحيها مما كتبه المفكر الراحل فؤاد زكريا، فى إحدى مقالاته، وهو يشير إلى أن من عادته بعد كل امتحان يعقده لطلابه فى الجامعة، أن يترك فرصة للطلاب الذين يعتقدون أنهم حصلوا على درجات أقل مما يستحقون، كى يناقشوه فى إجاباتهم، فيكشف لهم عن أخطائهم التى هم على غير وعى بها.
وفى مثل هذه الحال، كان يطلب من الطالب المعنى أن يقرأ ورقة إجابته بصوت مرتفع، وكثيرًا ما كان الطلاب يترددون فى فعل ذلك، أو يحاول الواحد منهم أن يضيف أشياء أخرى غير تلك المكتوبة فى ورقة إجابته، فإذا قرأ عبارات غير مفهومة يتوقف، ويقول: «أنا أقصد أن أقول كذا»، وساعتها يضيف أفكارًا جديدة أفضل وأكثر ترتيبًا بكثير من أفكاره الواردة فى الورقة. ويتساءل فؤاد زكريا: من أين أتى الطالب بتلك الأفكار التى لم ترد فى ورقته رغم أنه قدح ذهنه بقدر ما يستطيع فى الامتحان؟ قبل أن يجيب أن الجديد أتى من المواجهة المباشرة بما فيها من عناصر مساعدة على التعبير عن الأفكار، وهى العناصر التى كانت مختفية ساعة أداء الامتحان كتابيًا.