كشف حادث وفاة راقصة فى إحدى العيادات غير المرخصة بمنطقة حدائق الهرم بالجيزة، عن رأس الفوضى والإهمال الذى تعانيه المنطقة التى ضج سكانها الذين يربون عن نصف مليون نسمة، من تجاهل الجهات التنفيذية التى تعطيهم فى أغلب الأوقات أذنا من طين وأخرى من عجين، باعتبارهم سقط متاع لمحافظة تحفل بالمعاناة، ولم يكرمها الله حتى الآن بمسئول لا نقول يحل مشاكلها، ولكن على الأقل يحاول التعامل معها بصدق وإخلاص وليس فض مجالس.
المخالفات تتم فى حدائق الاهرام، وهى نموذج مصغر لمشاكل الجيزة، فى بناء العمارات المحدد لها باربعة أدوار، وتحويل الوحدات السكنية إلى محال تجارية ليل نهار تحت سمع وبصر الجميع، وكلما اشتكى السكان مما يجرى تتعلل المحافظة بأن المنطقة كمبوند لا سلطان لها عليه، وأن جمعية تعمير هضبة الأهرام هى المسئولة، رغم أن حى الهرم طرف أصيل فى منح التراخيص، كما أن الجمعية لا تعمل فى «بلاد واق الواق»، وهناك مسئوليات متبادلة تجاه نصف مليون مواطن.
وفى اتصال مع أحد المسئولين فى المحافظة والقريب مما يجرى فى حدائق الاهرام، اعترف الرجل الذى فضل عدم ذكر اسمه، بصراحة غير معهودة بكم المشكلات المتراكمة فى المنطقة، من مخالفات البناء وسرطان المحال التجارية، ومافيا حراس العقارات الذين تحول بعضهم إلى سماسرة وملاك للعمارات المخالفة، مرورا بنقص الأمن على مداخل ومخارج البوابات، وانتشار سلوكيات غريبة عن طبيعة أهل المكان الذى حلم سكانه بالهدوء والأمان، فإذا بمستشفيات وعيادت ومخابز بلدية، ومحال لبيع الخضروات تعمل بدون ترخيص أو أية اشتراطات صحية.
هذا المسئول لم ينكر أن سكان حدائق الاهرام جزء من مسئولية حى الهرم، لكنه فرق بين مسئولية الحى التى تتركز فى محاربة مخالفات البناء عن أكثر من أربعة أدوار، والقيام بحملات، من وقت لآخر، لإزالة الاشغالات وغلق المحال غير المرخصة، لكن الرجل ألقى على الجمعية بمسئولية النظافة والإنارة ورصف الطرق المتهالكة، والأمن حول أسوار المدينة وبواباتها السبعة.
وعندما سألت هذا المسئول عن دور الشرطة، قال إنها كثفت فى الفترة الأخيرة من عدد دورياتها فى المنطقة، كما أن حى الهرم انتهى منذ أيام من إجراءات الترخيص التى طلبتها مديرية أمن الجيزة لإنشاء قسم شرطة حدائق الأهرام والذى سيكون له أكبر الأثر فى اعادة الانضباط إلى مكان يقع فى قلب منطقة أثرية، حيث تطل من جهتها الجنوبية على الأهرامات، ويقع المتحف الكبير المنتظر افتتاحه جزئيا العام المقبل، فى أقصى شرقها.
عدد من سكان الحدائق وفى اطار بحثهم عن بدائل يمكن أن تعيد لمنطقتهم جزءا من انضباطها السابق اقترحوا أن يتم إنشاء جهاز يتولى أمرهم على غرار ما هو متبع فى مدينتى السادس من أكتوبر والشيخ زايد، غير أن الأمر يحتاج إلى رحلة فى أروقة مجلس الدولة، ربما تتطلب جهدا كبيرا يفوق قدراتهم الفردية.
ويقول عدد من السكان إن التحركات التى اتخذتها المحافظة عقب حادث وفاة الراقصة بغلق عدد من المستشفيات والعيادات المخالفة، وإزالة اشغالات من بعض مناطق حدائق الأهرام وهى منطقة مترامية الاطراف، مجرد تحركات محدودة، ويطالبون باستمرارها ولكن بوتيرة أكبر علهم ينعمون براحة فى حياتهم.
سكان حدائق الأهرام يحلمون برؤية دولة القانون وهى تنتصر، وبما يمنع الأذى عنهم، فهل هذا بكثير على محافظ الجيزة اللواء كمال الدالى؟، هذا السؤال ينتظر سكان حدائق الأهرام تلقى الإجابة عنه، أم أن الأمر يحتاج إلى وقوع كارثة أكبر من وفاة الراقصة لتتحرك الأجهزة من جديد؟!