الجامعة العربية.. عجز يواجه محنة اللجوء
صحافة عربية
آخر تحديث:
الإثنين 7 سبتمبر 2015 - 5:55 ص
بتوقيت القاهرة
بات ملف اللجوء واقعا عربيا ماثلا أمام المنظمات والمؤسسات الدولية التى تواجه اليوم هذه الأزمة الملحة التى تلقى بظلالها على الدول الأوروبية محدثة تغيرا فى ملامحها وهيكليتها، وفى معرض حديثه عن تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين صوب ألمانيا، يقول وزير الداخلية الألمانى توماس دى ميزير: «نحن بالفعل اليوم بحاجة إلى تغييرات دستورية».
وتتخذ غالبية الدول العربية موقف المتفرج فهى غير قادرة على مواكبة هذا الملف، ولا تستطيع معه القيام بأى شىء فهى عاجزة أمام هذه المأساة فى إحكام السيطرة على حدودها، وفى ذات الوقت عدم قدرتها تحمل أعباء هذه الموجات البشرية الأمنية منها والاقتصادية، فدولة مثل الأردن أو لبنان فاضتا بأعداد غفيرة من اللاجئين السوريين، ولمنطقة الشام الكبرى تاريخ كبير فى حركات النزوح البشرية، ومثله العراق، إذ أسهمت التحولات السياسية والصراعات الأهلية أو الحروب مع العدو الإسرائيلى إلى تغيرات ديموغرافية كبيرة مازالت إلى يومنا الحالى حديث دوائر صنع القرار هناك، فمجتمعات اللاجئين الفلسطينيين على سبيل المثال فى لبنان أصبحت ذات تأثير وثقل سياسى فى المشهد اللبنانى، وقس على ذلك وضع مخيمات الفلسطينيين قبل اندلاع الثورة السورية، والتى تلعب دورا فى مشهد الصراع السورى، وربما تخشى دول عربية أن يؤدى احتواء المهاجرين القادمين من سورية والعراق إلى استنساخ تجارب المخيمات فى دولهم، فيحجمون عن الاضطلاع بهذا الملف.
مأساوية مشهد اللجوء العربى هو اتساع رقعته بشكل كبير والاستماتة من قبل الفارين فى ركوب الخطر، وإن كان الموت مصيرا محتملا.. زد على ذلك أن الدول العربية وبفعل الفوضى والعجز والانفلات باتت منافذها البحرية المطلة على «المتوسط» محطة انطلاق مفضلة نحو الضفة الشمالية من البحر الذى شهد مآسى كبيرة، وتحاول الدول الأوروبية دفع دول شمال أفريقيا، وتركيا أيضا، لإحكام السيطرة على تدفق اللاجئين دون جدوى.
الأسبوع المنصرم أوصت ندوة نظمتها جامعة الأمير نايف العربية بالرياض بضرورة تأسيس هيئة عربية مستقلة للجوء، وبرأينا أن إنشاء مثل هذه الهيئة قد تأخر كثيرا، إذ يفترض وجودها منذ وقت طويل بفعل الحاجة والضرورة، بحيث تكون أداة ربط وتنسيق بينها وبين دول اللجوء والمنظمات حول العالم، لكن جامعة الدول العربية تعانى أزمة أولويات ملحة، ويفترض ألا يشغلها ذلك عن هذه المسألة الضرورية، إذ لم يتحدث بشكل واضح أى مسئول من الجامعة عن أوضاع اللاجئين، إلا بعد مأساة إيلان الطفل السورى الغريق، والتى على إثرها صرح نبيل العربى أمين الجامعة، قائلا: نحن عاجزون عن مواجهة هذا الملف.. عدا ذلك لم نسمع عن مسئولين فى الجامعة قاموا بالوقوف على أوضاع ومآسى اللاجئين بل تركوا الأمر برمته للمنظمات الدولية وسفراء النوايا الحسنة. ندرك ضعف الجامعة العربية أمام هذا الملف لارتباطه بقرارات سياسية، وعدم قدرتها تقديم ما يسهم فى عدول اللاجئين عن فكرة لجوئهم، فهؤلاء يدفعهم اليأس والخوف بعد أن فقدوا الأمل فى إنقاذهم عربيا، كما أن النقمة على الجامعة العربية تزداد من قبل السوريين الذين يرون أنهم خذلوا..
إن اللاجئين العرب ممن لاذوا إلى الدول الأوروبية لم يعودوا اليوم متحمسين للعودة إلى الشرق الأوسط ولا إلى ديارهم، وتتناقص الرغبة كثيرا مع ارتفاع وتيرة الاضطرابات، وتقادم الأجيال وتلاشى الهوية والاندماج الكامل مع الدول التى اكتسبوا جنسيتها، وبالتالى فقدنا أجيالا من أمتنا أصبحت علاقتهم مع الدولة الأم علاقة طيف وذكريات عابرة لا أكثر.
الرياض ــ السعودية
أيمـن الـحـمـاد