غلطة أب
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 7 ديسمبر 2018 - 10:30 م
بتوقيت القاهرة
أبحث دوما عن كاتب الفيلم، قبل المخرج
هذه مقولة صحيحة تماما خصوصا فى السينما طوال تاريخها، تلك السينما التى قام فيها المؤلف دوما بصبغ الأفلام بصبغته هو، وهناك أسماء بعينها ينطبق عليها الأمر، ومنهم أبو السعود الإبيارى، وعلى الزرقانى ووحيد حامد، وبالطبع محمد مصطفى سامى، الذى مثل ظاهرة حيرت المتابعين، فنحن لا نكاد نعرف له صورة كأنه الرجل الخفى رغم أنه كتب أكثر من مائة فيلم لأشهر المخرجين، وحسب معلوماتى فإنه كان من سكان الإسكندرية، وكان متفرغا للكتابة والقراءة، كان يجيد الفرنسية، ومن سلاسل الروايات الشعبية يستقى قصص الأفلام، ولم يكن يذكر أبدا مصادر الأفلام التى يقتبسها، كما أنه كان يقرأ الروايات المترجمة فى سلسلة «كتاب الجيب» التى يصدرها ويترجمها عمر عبدالعزيز أمين، ويصوغ منها الأفلام، وكانت له سمة أنه مثل الترزى، يقلب الثوب أكثر من مرة يصنع منه شكلا مشابها، وليس جديدا، وإذا كان حسن الإمام مثلا يوسم أنه مخرج الميلو دراما فلأنه عمل بشكل مكثف مع محمد مصطفى سامى، وفى الأفلام التى كتبها فإنه يضمن الصعب أن تعرف اسم المخرج إذا لم تقرأ اسمه، لكنك يمكن أن تقول إنه من كتابة محمد مصطفى سامى، وكم كتبت أن الأفلام يجب أن تنسب إلى كاتب السيناريو خاصة فى مصر.
وفى زمن ازدهار الكاتب كان المخرجون يتهافتون عليه، فهو مضمون فى اختيارالموضوعات، ويعرف جودة الاختيار، وعمل التوليفة التى تعجب الشعب المصرى، إنها التوليفة الموجودة فى الروايات الشعبية الفرنسية، وأغلبها تدور فى الأجواء الاسرية، حول عقوق الأبناء، أو الخيانات والمؤامرات، والمكائد العائلية، ولذا فإن حسن الإمام اختصه لنفسه، لكن طاقة الكتابة عنده كانت أكثر اتساعا من أن يستوعبها الامام وحده رغم غزارة إنتاجه، لذا فإن الكثير من أفلام مخرجين آخرين قد استعانوا بما كتب وعلى رأسهم هنرى بركات، وإبراهيم عمارة، والتوليفة التى يكتبها تتطلب وجود أبرياء فى مواجهة أوغاد، ورجل يدس بين العشاق، ومكانه الدائم بين الراقصات فى الملاهى الليلية.
ومن الصعب عليك أن تتذكر أسماء الافلام وأن تربطها بالموضوع، أو الحكاية، وعلى سبيل المثال فإننى عندما شاهدت فيلم «غلطة أب» على اليوتيوب حاولت أن أتذكر إن كانت هى المرة الأولى أم أنه سبق لى مشاهدته، فالموضوع موجود فى أغلب أفلام تلك الفترة، الفيلم من إخراج بركات عام 1952، وأبطاله أدوا مثل هذه الشخصيات كثيرا ومنهم شادية فى دور البنت جميلة الوجه والصوت، البريئة التى لا يعترف بها أبوها، أما دولت أبيض، فهى الأم الصارمة التى يخفى عنها زوجها أن له ابنة من علاقة قديمة غير مشروعة، والأب هو محمود المليجى الذى تأتيه ابنته الشابة بعد وفاة أمها، فيرفض الاعتراف به تحسبا لمركزه الاجتماعى، ويطردها إلى الشوارع لكن أولاد الحلال يجدون لها وظيفة مرموقة كمطربة فى الملاهى اليلية، وتقابل ابن الحلال، وأيضا ابن حرام، الأول يحبها وهو محسن سرحان، والثانى يستغل جحود أبيها للانتفاع بما يعرف من أسرار، وهذا يجسده فريد شوقى، والطبع هناك الراقصات وبنات الليل، مثل الدور الذى جسّدته هدى شمس الدين.
هل تذكر كم مرة شاهدت مثل هذه القصة فى فيلم؟