نساء لا يعرفن التعب!!

خولة مطر
خولة مطر

آخر تحديث: الأحد 8 يناير 2023 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

تدخل السنة بكثير من التفاؤل غير المبرر، بل وتصر على ذلك التعلق بأن القادم أجمل وأكثر إشراقا ثم تنهار الرسائل بعد انقطاع من الصديقات.. نعم تلاحظ أن معظمها من صديقات لا أصدقاء. إحداهن فى العقد الثالث وأخرى فى الرابع أو الخامس أو حتى السابع، تتفاوت الأعمار والتجارب والخبرات والاهتمامات والظروف المحيطة، حتى الجغرافيا مختلفة إلا أن الشكوى أو الحسرة أو سمها ما تشاء تبقى متشابهة حد التطابق.

• • •

هن نساء يقلن إن الساعات والأيام والسنين تجرى بين أصابع اليد وتبقى مسئولياتهن كما هى، بل هن يقلن أن التوقعات منهن تكبر مع الوقت وتتسع معها المسئوليات أو العتاب إذا تقاعسن أو تعبن أو حتى قمنا بنفس المسئولية المطلوبة ولكن على طريقتهن.

• • •

الأصغر تردد تعبت من التوقعات وكثرة المسئوليات فقط لأننى مطلقة والثانية ترسل من بعيد رسالة تبدو وكأنها تستنجد «هل أنت فى المدينة؟؟ أردت فقط أن أتحدث لك عن تعبى المستمر الذى أصبح غير محتمل، كم يتوقعون منى وإلى متى لقد كبرت وأشرفت على الدخول لخانة «العجزة» وما زلوا يطلبون ويطلبون دون مقابل». وتردد «إلى متى؟ لقد تعبت وأتمنى أن تنتهى حياتى هنا».
أما الثالثة فتقول «ربيت وعلمت وكرست حياتى لأسرتى والآن بعد أن كبروا ما الذى جنيته؟ وأين هم منى؟».

• • •

الرسالة الموحدة بينهن جميعا مع اختلافات التفاصيل أنهن تعبن من المسئوليات وتحمل المزيد والمزيد دون أى كلمة شكر أو امتنان ثم يضاف لكل ذلك الإحساس الدائم بالتقصير. هى الأكثر انخراطا فى مجال العمل النسوى تفسر كل ذلك. «هو مجتمع ذكورى حتى النخاع حتى وإن أنكر أو تنكر من ذلك». وهى التى منذ سنين عبرت عن أن الرجل مهما تقدم فى الفهم واحترام المرأة إلا أنه يبقى ذكوريا يتوقع الكثير منها مقابل فقط وجوده فى الحياة!!! أو حتى أن يكون لها ربما كما كانوا يرددون على مسامعنا فى أفلام الأبيض والأسود «ظل راجل ولا ظل حيطة».

• • •

كلهن متعبات بأحمال شديدة وكلهن مختلفات لا لون ولا فكر ولا شكل ولاسن ولا جغرافيا تجمعهن، إلا ذاك الحمل الثقيل من المسئوليات والإحساس بأنهن فى ساعة العوز لا سند لهن، وحدك تبقين أيتها المرأة فى هذا الوطن الممتد. وحدك تحملين تسعة أشهر وتتحملين عناء الولادة الصعبة وآلامها ثم التربية والمشاركة فى توفير احتياجات الأسرة بل العائلة الكبيرة، أما إذا لم تتزوجى أو كنت مطلقة أو أرملة فاحذرى ثم احذرى أن تتحولى إلى «حمالة الحطب» عليك الكثير من المطالب والتوقعات وإن أخفقتى أو حتى فكرتى للحظة أن تسرقى سويعات لك فالويل ثم الويل، نساء فى مهب العادات والتقاليد والتوقعات هكذا هن أو هكذا بدا لى من رسائلهن المتناثرة بين نبرات صوت حزينة بعض الشىء ويائسة كثيرا.

• • •

نساء فى مهب العادات والتقاليد والتوقعات المتراكمة، مطلوب أن تكونى أما وزوجة أو ابنة أو جدة أو موظفة وزميلة فى العمل أو حتى صديقة وعليك أن تكونى على قدر هذه الصفات التى تمنح لكى وأن تكونى فوق مستوى الشبهات!! وإلا فسقوطكِ حتمى ولا ينالك بعد طول تضحية وعناء ونكران للذات سوى مزيد من اللوم أو العتب وربما كثير من الكلام الأكثر ذبحا من الخنجر!!

• • •

الأم تقول ربيت وتعبت والآن أنا وحيدة إلا عندما يحتاجنى أولادى للاعتناء بأطفالهم أو تقديم بعض العون وربما الدعم المادى والمعنوى، والأخت تقول كلهم يرددون لماذا لا تعتنى أنت بوالدنا ووالدتنا فأنت الوحيدة غير المتزوجة أو المطلقة أو الأرملة؟ فيحملوها ذنب لم ترتكبه هى!!! أما الابنة فويل ثم ويل لو لم تترك عملها وعائلتها ومسئولياتها وتتفرغ لكل مريض أو متعب أو مهموم وإلا فهى المقصرة فيما إخوتها الصبيان يستمتعون بحياتهم وإجازاتهم وأوقات راحتهم ووو!!!

• • •

انتهى اليوم برسالة من صديقتى التى خدعها زوجها فسرق كل «تحويشة العمر» ثم وبعد معاناة فى بقاع الأرض عادة للوطن ليتلقفها الأخوات والإخوة ويرموا عليها مسئولية الأم والأب والعم والخالة كبار السن فيما هم جميعا يستمرون فى دعوات العشاء والسهر وصباحا القهاوى المتعددة.

• • •

فى نهاية نهار طويل ملىء بالهموم والتعب.. أفكر ما الذى حصل بعد تعليم النساء وتعبهن؟؟ ربما مزيد من المسئوليات وكثير من اللوم والعتب..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved