وجدت روسيا أصدقاء فى إفريقيا

دوريات أجنبية
دوريات أجنبية

آخر تحديث: الثلاثاء 8 مارس 2022 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة ذا نيويورك تايمز مقالا بتاريخ 3 مارس للكاتبين ديكلان والش وجون إيليجون تناولا فيه العلاقات التاريخية والاقتصادية التى كانت سببا وراء تأييد معظم الدول الإفريقية لروسيا فى الأمم المتحدة، مع ذكر ما نشرته صحيفة التيلجراف فى مقالها بتاريخ 3 مارس للكاتب توم كولنز عن عمليات التهريب الروسية للذهب من السودان التى استمرت لسنوات وذلك استعدادا للتداعيات الاقتصادية المحتملة من غزوها لروسيا.. نعرض من المقالين ما يلى.

منذ أيام نيلسون مانديلا، رفض قادة جنوب إفريقيا الانتقادات الأمريكية لصداقاتهم مع الحكام المستبدين مثل فيدل كاسترو من كوبا ومعمر القذافى من ليبيا، الذين دعموهم خلال الأيام الصعبة فى النضال ضد الفصل العنصرى. تدافع الآن جنوب إفريقيا عن ولائها لحاكم مستبد آخر ــ فلاديمير بوتين ــ ويتجاهلون الرفض العالمى لغزو أوكرانيا.

كانت جنوب إفريقيا فى الأمم المتحدة من بين 24 دولة إفريقية امتنعت عن التصويت لصالح قرار إدانة الغزو الروسي؛ امتنعت 16 دولة أفريقية عن التصويت، و7 لم تصوّت على الإطلاق، وصوتت دولة واحدة ــ إريتريا ــ ضد ذلك إلى جانب روسيا وبيلاروسيا وسوريا وكوريا الشمالية. عكس هذا الغموض الموجود فى معظم أنحاء القارة، حيث تم الترحيب بحرب أوكرانيا بصمت واضح، بما يتناقض بشكل حاد مع الموقف الغربى الذى يتوسع فى فرض العقوبات ويضغط من أجل توسيع التحقيقات فى جرائم الحرب، ويهدد علنا بضرب الاقتصاد الروسى حتى الانهيار.

قالت لينديوى زولو، وزيرة التنمية الاجتماعية بجنوب إفريقيا، التى درست فى موسكو خلال سنوات الفصل العنصرى، «روسيا هى صديقتنا.. ونحن لسنا على وشك التخلى عن هذه العلاقة».. العديد من الدول الأفريقية لديها تاريخ من العلاقات مع روسيا يعود إلى الحرب الباردة؛ درس بعض القادة السياسيين والعسكريين هناك، وقويت الروابط التجارية، وفى السنوات الأخيرة تعاقدت المزيد من الدول مع المرتزقة الروس واشترت كميات أكثر من الأسلحة الروسية.

أدانت بعض الدول الأفريقية العدوان الروسى ووصفته بأنه اعتداء على النظام الدولى، مثل كينيا وغانا. صوتت 25 دولة أفريقية لصالح قرار الأمم المتحدة الذى ندد بأفعال بوتين، لكن انقسامات القارة العميقة فى الاستجابة للأزمة ظهرت منذ البداية.

فى أول يوم من الصراع كان نائب الزعيم السودانى يصافح يد وزير الخارجية الروسى، وقدمت المغرب التى لطالما كانت حليف الولايات المتحدة بيانا أزعج المسئولين الأمريكيين ولكنهم التزموا الصمت، رفعت إثيوبيا الأعلام الروسية فى حفل أقيم الأسبوع الماضى لإحياء ذكرى معركة القرن التاسع عشر ضد الغزاة الإيطاليين لتكريم المساندة التى قدمها متطوعون روس حاربوا بجوار المقاتلين الإثيوبيين.
كما تضاءل التعاطف الأفريقى مع أوكرانيا بسبب التقارير التى أفادت بأن حرس الحدود الأوكرانى أجبر الطلاب الأفارقة على الرجوع إلى الصفوف الخلفية أثناء محاولاتهم مغادرة البلاد، ما أثار ضجة بشأن العنصرية والتمييز.
ذكر بوتين القارة الأفريقية بالدعم الذى قدمته موسكو لحركات التحرر الوطنى أيام الحرب الباردة، وقدم روسيا على أنها الحصن ضد الاستعمار الغربى الجديد. أوقفت وزارة الخارجية الروسية تركيزها على أوكرانيا الأسبوع الماضى لتذكر جنوب أفريقيا، فى تغريدة، بدعمها لمحاربة الفصل العنصرى.
• • •
مع التوترات الذى يشهدها الاقتصاد الروسى فى ظل العقوبات الغربية المفروضة بعد ضم شبه جزيرة القرم فى عام 2014، لم يكن بوسع روسيا منافسة الإغراءات التى تقدمها القوى الأخرى فى أفريقيا، مثل القروض الرخيصة من الصين أو المساعدات التنموية من الغرب. لذا لجأت روسيا إلى بيع الأسلحة وتقديم خدمات المرتزقة الروس.. خاضت مرتزقة فاجنر فى السنوات الأخيرة حروبا أهلية فى ليبيا وموزمبيق، ويقومون حاليا بحراسة رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث ساعدوا فى صد هجوم للمتمردين على العاصمة العام الماضى. ظهر مقاتلو فاجنر فى مالى فى يناير، كجزء من صفقة لمحاربة المتمردين، وهو ما أغضب فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، التى أعلنت الشهر الماضى أنها تسحب جنودها من مالى. ينفى المجلس العسكرى فى مالى دعوة فاجنر إلى البلاد، لكن المسئولين العسكريين الأمريكيين يقولون إن ما يصل إلى 1000 من المرتزقة الروس يعملون بالفعل هناك. إلى جانب المرتزقة، تستمد روسيا نفوذها فى القارة من مبيعات الأسلحة، فتقريبا نصف واردات القارة من الأسلحة تأتى من روسيا وفقا لوكالة تصدير الأسلحة الروسية والمنظمات التى تراقب عمليات نقل الأسلحة. هذا إلى جانب ما ذكرته صحيفة التليجراف من قيام روسيا بتهريب مئات الأطنان من الذهب بطرق غير مشروعة من السودان على مدى السنوات القليلة الماضية لصد العقوبات المتعلقة بالغزو الروسى لأوكرانيا. ضاعف الكرملين من كميات الذهب الموجودة فى البنك الروسى منذ عام 2010 بمقدار أربع مرات، وفاق ما لدى روسيا من الذهب الولايات المتحدة لأول مرة عام 2020؛ وشكلت السبائك أكثر من 23 فى المائة من إجمالى الاحتياطيات، والتى ارتفعت إلى 630 مليار دولار اعتبارا من الشهر الماضى. ويُعتقد أنه يتم نقل نحو 30 طنا من الذهب إلى روسيا كل عام من السودان، على الرغم من صعوبة قياس حجم العمليات الحقيقية.
كان موهوزى كاينروجابا، نجل الرئيس الأوغندى يويرى موسيفينى، من أقوى المدافعين عن بوتين، فقال فى تغريدة «غالبية البشر (غير البيض) يدعمون موقف روسيا فى أوكرانيا». وأضاف «عندما وضع الاتحاد السوفيتى صواريخ مسلحة نوويا فى كوبا عام 1962، كان الغرب مستعدا لتفجير العالم. الآن عندما يفعل الناتو نفس الشىء، فإنهم يتوقعون أن تستجيب روسيا بشكل مختلف».
قال مكسيم ماتوسيفيتش، أستاذ التاريخ بجامعة سيتون هول فى نيوجيرسى، الذى يدرس علاقات روسيا فى أفريقيا، إن هذا يعكس التناقض فى القارة الأفريقية فى احتضان بوتين. فخلال الحرب الباردة، كان السوفييت يحاولون بيع الاشتراكية للدول الأفريقية بينما ينتقدون الاستعمار الغربى والإمبريالية. الآن، روسيا تحاول من جديد نشر نفوذها فى أفريقيا، ولكن مدفوعة بالقومية اليمينية.
• • •
يمكن لهذه الحرب أن تؤثر بالسلب على الدول الأفريقية. توقعت رابطة السيارات فى جنوب أفريقيا الأسبوع الماضى أن تصل أسعار الوقود المرتفعة إلى مستوى قياسى فى الأسابيع المقبلة. تزداد تكلفة الغذاء أيضا ــ روسيا وأوكرانيا مصدران رئيسيان للقمح والأسمدة فى إفريقيا ــ فى وقت لا تزال فيه العديد من الدول الأفريقية تعانى من وباء كورونا.
لكن الحرب يمكن أن يكون لها أيضا تأثير اقتصادى إيجابى لإفريقيا، وإن كان الشعور به قد يستغرق سنوات. نظرا لأن أوروبا تتجه بعيدا عن واردات الغاز الروسى، فقد تلجأ إلى الدول الأفريقية لاستغلال احتياطات الطاقة المكتشفة حديثا. قالت سامية حسن رئيسة تنزانيا، التى تسعى لاستثمار 30 مليار دولار للاستفادة من اكتشاف ضخم للغاز فى المحيط الهندى، إن غزو أوكرانيا قد يوفر فرصة. وقالت لصحيفة The Africa Report، «سواء فى أفريقيا أو أوروبا أو أمريكا، نحن نبحث عن الأسواق».
لا يزال السيد بوتين يستفيد من صورته كشوكة فى حلق الغرب. يتذكر العديد من مواطنى جنوب أفريقيا أن الولايات المتحدة دعمت نظام الفصل العنصرى حتى الثمانينيات. قال سيثيمبيل مبيت، المحاضر البارز فى العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة بريتوريا، إن مواطنى جنوب إفريقيا ينظرون إلى الحرب فى العراق وأفغانستان نظرة سيئة. مع ذلك، وبغض النظر عن العلاقات التاريخية مع روسيا، فإن جنوب إفريقيا لديها الدافع للدعوة إلى الدبلوماسية بدلا من القتال لأن هذا النهج يتوافق مع موقفها بشأن النزاعات الدولية على مدى الثلاثين عاما الماضية، وذلك على حد قولها. قال مبيت: «هذا هو الدرس الذى تعلموه من صراع جنوب أفريقيا، وهو أن الفصل العنصرى انتهى بالفعل عندما جلس الجانبان على الطاولة.. انتهى الصراع فقط من خلال المفاوضات ومن خلال التسوية.

ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغنى
النصوص الأصلية
https://nyti.ms/3sNSHQx
https://bit.ly/3sNhEvo

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved