الخطة الإسرائيلية الجديدة تعيد غزة لما قبل 2005.. وترامب لن يوقف نتنياهو بلا ثمن

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الخميس 8 مايو 2025 - 8:00 م بتوقيت القاهرة

وضعت إسرائيل حركة حماس بين خيارين: إطلاق الأسرى والتخلى عن الحكم إراديا، أو مواجهة حرب أكثر ضراوة وصولا إلى إعادة احتلال القطاع بالكامل والعودة إلى الوضع الذى كان قائما قبل الانسحاب الأحادى عام 2005.
مع تبنى الكابينيت الإثنين الماضى قرار «توسيع» العمليات العسكرية التى أطلق عليها الاسم الرمزى «عربات جدعون» إلى كامل القطاع والمصادقة على استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، والاتجاه نحو تهجير «غالبية السكان» إلى مناطق يحددها الجيش الإسرائيلى، تكون إسرائيل ذهبت فى ضغوطها إلى الحد الأقصى.
وفى دلالة على التخطيط لاحتلال طويل الأمد، سيأخذ الجيش الإسرائيلى على عاتقه للمرة الأولى توزيع المساعدات الغذائية على النازحين الفلسطينيين، عبر متعاقدين أمريكيين، فى مناطق سيعتبرها أنها باتت خالية من حماس.
أما ساعة الصفر لبدء العمليات العسكرية، فتركت إلى ما بعد جولة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة من 13 مايو الجارى إلى 16 منه.
يفترض هذا التوقيت، وكأن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يريد من ترامب أن يحصل على تنازلات من الدول التى سيزورها فى ما يتعلق بممارسة الضغوط على حماس، كى تطلق الأسرى وتقبل بتسليم سلاحها.
أما البديل، فهو احتلال دائم لغزة، من دون الاكتراث لمصير الأسرى، الذين قال وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بوضوح إن الخطة الإسرائيلية يجب أن تُنفّذ «ولو على حساب الأسرى»، الذين لا يزال يعتقد أن بينهم نحو 24 أسيرا على قيد الحياة. هذه المرة الأولى التى يتناول فيها زعيم حزب «الصهيونية الدينية» مسألة الأسرى بهذه الصراحة. وهو قال أيضا إن «غزة ستدمر بالكامل» بعد انتهاء الحرب، وإن سكان غزة سيبدأون «بالمغادرة بأعداد كبيرة نحو دولة ثالثة» بعد أن يتم نقلهم إلى جنوب القطاع.
الخطة الجديدة، تختلف جوهريا عما نفذته إسرائيل منذ 19 شهرا. يقول نتنياهو إن الجنود الإسرائيليين «لن يدخلوا غزة، ويشنوا غارات وينسحبوا... النية عكس ذلك»، فى إشارة إلى احتلال مفتوح زمنيا. هذه المقاربة تحظى بدعم رئيس الأركان الجنرال إيال زامير، الذى يرى أنه يجب تبنى نهج أكثر تشددا فى غزة.
والنقطة الوحيدة التى يختلف فيها زامير مع نتنياهو هى مسألة الدعوة إلى استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لتخفيف الضغط من المنظمات الإنسانية والحقوقية والأمم المتحدة التى تعلن أن إسرائيل تستخدم الغذاء «سلاحا» فى حربها.
مبدئيا، تحظى الخطة الإسرائيلية بدعم أمريكى. ويعتبرها نتنياهو جزءا ضروريا لوضع اقتراح ترامب بنقل سكان غزة إلى خارجها، موضع التنفيذ.
لذا، العامل الوحيد الذى قد يحول دون تنفيذ الخطة الإسرائيلية، هو سحب التأييد الأمريكى لها. لكن سحب التأييد سيكون بثمن يحصل عليه ترامب، الذى يلوم حماس على الوضع الكارثى الذى آلت إليه غزة، ولا يبدو أنه متحمس لممارسة أى نوع من أنواع الضغوط على نتنياهو، كى يسمح على الأقل بدخول بعض المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وهذا ما تردد فى تصريح الناطق باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى بريان هيوز الإثنين الماضى، الذى قال إن «حماس تتحمل المسئولية الكاملة عن هذا النزاع، وعن استئناف الأعمال العدائية».
هى معادلة صفرية وضعها نتنياهو يتجاوز فيها ورقة الأسرى التى تُمسك بها حماس، والضغوط التى يتعرض لها من قبل عائلاتهم، ومن بعض القوى التى تحذر من أن إعادة احتلال غزة، لن تعنى نهاية الحرب، وإنما بداية حرب من نوع آخر. وستكون إسرائيل مسئولة عن الشئون الحياتية لأكثر من مليونى فلسطينى وفلسطينية.
ومع هذا هناك رهان من الحكومة الإسرائيلية على تشجيع سكان غزة على «الهجرة الطوعية»، أو دفعهم إلى تهجير قسرى بمضاعفة الجحيم الذى يعيشون فيه. الأيام الفاصلة بين إعلان الخطة الإسرائيلية والبدء بتنفيذها، هى تلك المتبقية فقط لإيجاد مخارج لوقف نكبة جديدة تلحق بالشعب الفلسطينى.

سميح صعب
جريدة النهار اللبنانية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved