أدخلونا فى المتاهة
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الجمعة 8 يونيو 2012 - 8:25 ص
بتوقيت القاهرة
«هو احنا رايحين على فين».. سؤال تسمعه من أى شخص يقابلك.. من المثقف وأبوالعريف نهاية إلى الأمى وغير المكترث.
أكثر من شخص يفترض أنه قارئ ومثقف ومطلع ورغم ذلك يسأل هذا السؤال، ولذلك فالطبيعى أن تقول كان الله فى عون الرجل البسيط المنهك فى طاحونة الحياة اليومية.
جزء كبير من المصريين بحكم تكوينهم بسطاء، ولم يكونوا يهتمون بالسياسة إلا بعد الثورة، ولأن مصادر الأخبار والمعلومات صارت كثيرة ومتنوعة، وأيضا متناقضة، فقد أدى ذلك إلى إصابة غالبية المواطنين بالحيرة وإدخالهم فى المتاهة.
اعتقد المصريون البسطاء فى البداية أن ذهابهم بكثافة إلى الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى 19 مارس 2011 سينهى كل مشكلاتهم، ففوجئوا بأنه يعمق هذه المشكلات بل يحدث شرخا أدى إلى تعميق انقسامهم.. ثم وقفوا فى طوابير طويلة فى نوفمبر وديسمبر الماضيين فى الانتخابات البرلمانية أملا فى تهدئة الشوارع الثائرة والانطلاق نحو عملية ديمقراطية، فاكتشفوا أن الانتخابات النزيهة لا تكفى وحدها لإحداث الاستقرار.
وأخيرا ذهب الناخبون مجددا إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس للجمهورية، وفوجئوا أن ذلك قد لا يكون حلا للمأزق ونهاية للمشوار الطويل.
والآن فإن كل ذلك مهدد بالتبخر والذوبان ومعه كل المجالس والمليارات التى أنفقناها إذا قالت المحكمة الدستورية العليا يوم 14 يونيو الحالى إن قانون انتخابات مجلس الشعب غير دستورى وأن أحمد شفيق ما كان له أن يخوض الانتخابات.
فى كل يوم يصحو المصريون على خبر غريب وفى منتصف اليوم يتفاجأون بعكسه وقبل خلودهم للنوم يكتشفان أن الخبرين غير صحيحين وأن هناك خبرا جديدا سرعان ما يتغير فى الصباح التالى.
هذه المتاهة ليس سببها الإعلام، وإن كان جزءا أساسيا فى ترويجها بالطبع، لكن سببها الرئيسى هو التخبط الموجود فى إدارة أجهزة الدولة منذ تنحى حسنى مبارك عن الحكم وحتى هذه اللحظة.
أحد ملامح استقرار الحكم وكفاءته أن يدفع فى إيجاد توافق سياسى ومجتمعى شامل يؤدى إلى إنتاج رؤية واضحة ولمدى زمنى طويل، ويحتاج ذلك بالطبع إلى إصدار قوانين وقرارات تترجم ذلك على أرض الواقع.
سمعنا كلاما كثيرا، وشاهدنا قرارات متنوعة، لكنها متضاربة وغير مكتملة، حدث ذلك من المجلس العسكرى ومن البرلمان على حد سواء. والنتيجة هى هذه المتاهة التى نعيشها.
البعض يسأل: هل كانت متاهة تمت بفعل عدم الكفاءة أم أنها مخططة وممنهجة كى نصل إلى ما وصلنا إليه؟!.
سؤال محورى، لكن لا أحد يملك الإجابة الشافية والكاملة عليه.
البعض يراه بسبب قلة الخبرة السياسية لدى معظم أعضاء المجلس العسكرى، والبعض الآخر من أنصار نظرية المؤامرة يقولون إنه مقصود حتى يتم إصابة المواطنين باليأس والعجز و«القرف» من كل شىء وبالتالى يرضون بالقليل.
يضيف هؤلاء أنه عندما يصبح كل شىء سيئا وفاسدا وعاجزا فى البلد من أول الأحزاب ونهاية بالأشخاص، فإن البسطاء سوف يكفرون بالديمقراطية فى النهاية ويبدأون فى الترحم على الماضى من أول الأمن الذى كان مستقرا ظاهريا أيام زمان إلى الرئيس الذى كان «يشكم» البلد.
وليس معنى ذلك أن يتم إعادة الرئيس المريض والمسجون بل إعادة إنتاجه فى شخص آخر أو مجلس آخر.
سؤال موجه اليك أنت أيها القارئ.. ما رأيك: هل المتاهة مجرد مصادفة أم مخططة؟.