العراقيون بالشتات.. الأردن نموذجا
صحافة عربية
آخر تحديث:
الإثنين 8 يونيو 2015 - 10:17 ص
بتوقيت القاهرة
كان الأردن ومازال فى طليعة الدول التى أصبحت ملاذا آمنا لمئات آلاف العراقيين الباحثين عن الأمن المفقود فى بلادهم.
ومنذ فرض الحصار على العراق بعد تداعيات اجتياح الكويت عام 1990 وما تلاه من حروب واحتلال العراق عام 2003، مرورا بالعنف الطائفى، وجد العراقيون فى الأردن نافذتهم على العالم بعد أن سد الحصار أفقهم على العالم الخارجى، وأصبح الأردن بلد العراقيين الثانى بفعل التسهيلات التى قدمتها السلطات الأردنية للعراقيين.
وبعد مرور اثنتى عشر سنة على غزو أمريكا وبريطانيا للعراق كيف تبدو أوضاع العراقيين بالأردن؟ وهل تأقلموا مع الحياة وأصبحوا جزءا منها أم أن وجودهم غير من بعض ملامح عمَّان، وأضاف إلى معالمها نكهة وطعما عراقيا خصوصا انتشار المطاعم والمقاهى؟ وهل يشعر العراقيون بالغربة فى بلد وفر لهم كل مستلزمات الحياة والأمن والاستقرار إلى حد مساواتهم مع أشقائهم الأردنيين بالحقوق والواجبات.
إن العراقيين المتواجدين فى الأردن جاءوا على ثلاث موجات، الأولى تعود إلى سبعينيات وثمانينات القرن الماضى، وهؤلاء ليسوا بالأعداد الكبيرة، أما الموجة الثانية، فقد كانت أكبر وابتدأت مع حقبة الحصار على العراق فى تسعينات القرن الماضى، وأكبر الموجات كانت بعد الغزو الأميركى للعراق عام 2003، حيث ازدادت الفوضى وضعف الخدمات وعمليات القتل والاختطاف فى العراق.
واستنادا لإحصائية عراقية، فإن العراقيين فى الأردن هم ثلاث فئات، الأولى من الموجودين منذ سنين طويلة، وهؤلاء استقروا ولديهم مصالحهم وأعمالهم، والفئة الثانية من الأكاديميين والمثقفين والفنانين والأطباء، أما الفئة الثالثة، فهى العوائل التى اضطرتها الظروف لمغادرة العراق خلال السنوات الماضية.
وكان هناك أكثر من 3500 طبيب، هاجر معظمهم إلى دول أوروبية وإسكندنافية، وكان أغلب هؤلاء الأطباء من المتخصصين والأكاديميين الذين تفتقر إليهم المؤسسات الطبية التى تعانى نقصا من خبراتهم، وتعتبر قضية التعليم والرعاية الصحية الأكثر إلحاحا بالنسبة للاجئين العراقيين، حيث خصصت مفوضية اللاجئين أخيرا عيادات لاستقبال المرضى العراقيين فى عمَّان، كما يسمح الأردن للعراقيين بتدريس أبنائهم فى المدارس الحكومية.
ومن بين أكثر من (50) ألف عراقى تقدموا بطلبات لجوء لمكتب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فى عمَّان، حصل أكثر من (3000) فقط على بطاقة لاجئ فى دولة أجنبية، حسب معلومات صحفية نشرت أخيرا، بينما تفضل الحكومة الأردنية تصنيف العراقيين على أراضيها بأنهم «ضيوف».
إن اندماج الجالية العراقية بالمجتمع الأردنى ليس سببه الاستثمار والمصالح المشتركة، وإنما التزاوج بين الأردنيين والعراقيين، فقد سجلت الأعوام الماضية ارتفاعا فى معدلات زواج الأردنيين بالعراقيات وبالعكس، وهذا بتقديرنا يعزز أواصر العلاقة ويجذرها بين الشعبين الشقيقين فى شتى المجالات.
والعراقيون لم يعرفوا الهجرة إلى دول الشتات مثل اللبنانيين وجنسيات أخرى وعلى مدى العقود التى سبقت الحرب العراقية الإيرانية لم تسجل حالات هجرة لافتة للعراقيين إلى الخارج، غير أن تداعيات الحروب والحصار والعنف الطائفى دفع ملايين العراقيين إما للهجرة إلى دول الجوار العربى والإقليمى أو للتهجير داخل العراق من فرط تصاعد أعمال العنف لا سيما بعد سقوط الموصل وما تلاها من معارك، حيث قدرت منظمات إنسانية أعداد المهجرين داخل العراق بنحو ثلاثة ملايين عراقى تقطعت بهم السبل مع عجز حكومى فى حمايتهم وتوفير احتياجاتهم الحياتية.
الوطن – عمان
أحمد صبرى