نصيحة للسيد الرئيس
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 8 أكتوبر 2012 - 8:10 ص
بتوقيت القاهرة
سيكون مفيدا للسيد الرئيس ومستشاريه، لو أنهم عكفوا لعدة ساعات على دراسة أسباب الفشل فى خطة المائة يوم دون مكابرة، بعيدا عن صخب ميليشيات الجماعة الالكترونية وأبواقها الفضائية، وأظن أن كثيرا مما قيل وكتب خلال الأيام القليلة الماضية يصلح مادة للنقاش، فالمركب توشك على الغرق، ولا جماعة ناجية.
أريد أن أضيف إلى ما سبقنى إليه آخرون من اجتهادات، ملاحظة تولّدت لدى من متابعتى أداء الرئيس خلال المائة يوم، وهى أنه لا يتصرف بعد بوصفه رئيسا لمصر وإنما خليفة للمسلمين، وهذه مسألة فى غاية الدقة والأهمية، وأظن أنه لو قدّر للرئيس أن يتجاوزها، فإنه سيكون قد وضع قدمه ووضعنا معه على العتبة الأولى للخروج من النفق المظلم، أما كيف يتجاوزها فهذا اجتهادى ولله الأمر من قبل ومن بعد.
أن يتوقف فورا عن الخطابة فى المساجد، فالمساجد كما الكنائس للعبادة، ورئيس الدولة المدنية يتحدث إلى شعبه «كله» من منابر مخصصة لذلك، لا أريد أن أحرم الرئيس من هوايته فى الخطابة، فنحن نعرف أنها جزء أصيل فى إعداد كوادر الجماعة، لكننى أريده أن يثبت أنه رئيس لكل المصريين، وأن يشرح لنا بشفافية حقيقة أوضاعنا وحدود قدرته على تنفيذ طموحاتنا، نريد كلاما لرجل دولة، لا وعظا من خطيب زاوية.
ثانيا، أن يعرف أن من انتخبوه ــ وهم كتلة تساوى تقريبا من لم ينتخبوه ــ أرادوه رئيسا لمصر، لا إماما للمسلمين، وإنه إن كان مؤرقا بشدة من الأوضاع فى سوريا، و«لن يهدأ له بال حتى زوال النظام السورى» كما قال، فإن فقراء مصر الذين يبلغ تعدادهم ضعف سكان سوريا أولى بانشغاله، وأن «اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع»، والبيت إن كان لا يعلم آيل للسقوط.
ثالثا، أن سعيه «المحمود» لاستعادة الدور الإقليمى المصرى والتعامل بندية مع الغرب، لن يتحقق بالتمنى، إنما برؤية الواقع كما هو والسعى الدءوب لتغييره، والواقع يقول إننا دولة فقيرة متخلفة تعليميا وصناعيا وزراعيا وتكنولوجيا، لكن هذا الواقع أيضا يقول إننا نمتلك قدرات بشرية وطبيعية جيدة، تحتاج إلى أفكار ومبادرات ذكية وغير تقليدية لتفعيلها، وحتى الآن، وفى كل الملفات، فإن الرئيس ومستشاريه وجماعته أثبتوا أنهم فقراء فى الفكر، بلداء فى الأداء، ولا يمكن أن تشحت من الشرق والغرب والعرب والعجم، ثم تطلب أن تعامل باحترام، باختصار.. دور مصر الإقليمى مرهون بقوتها واكتفائها داخليا، مصر العظمى تبدأ من صفط اللبن.
أوقن سيدى الرئيس أنك قدرنا لأربعة سنوات مقبلة، وهى سنوات أخشى أن تكون عجافا، إذا استمرت إدارتك للأمور على هذا النحو.
أما أخشى ما أخشاه، فأن يزج بنا فى مواجهات لسنا مستعدين لها، تحت وطأة أوهام الزعامة واستعادة مجد أمة الإسلام، فتضيع أرضا حررها آباؤنا بدمائهم، وضحوا فى سبيلها بأرواحهم.
هذا خطر قريب.. أقرب مما تتصور.