«أمير الانتقام»
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 8 أكتوبر 2021 - 9:15 م
بتوقيت القاهرة
مثلما نتكلم عن الأفلام المجهولة فى تاريخ السينما المصرية، فإننى أختار أحيانا الكلام عن نقاط مجهولة فى أفلام معروفة للجميع وشاهدناها عشرات المرات، مثل فيلم «أمير الانتقام» إخراج بركات وإنتاج آسيا بطولة أنور وجدى مع مجموعة كبيرة من نجوم السينما المصرية فى كل تاريخها، مثل: مديحة يسرى، سامية جمال، وفريد شوقى، وكمال الشناوى، ومحمود المليجى، وسراج منير، وغيرهم، فالقصة معروفة دائما ما يقف الناس إلى جانب أمير الانتقام أكثر من فيلم، أمير الدهاء الذى يعتبر بمثابة إعادة للفيلم الأول رغم أن الفيلم الجديد كان ملونا ويضم أيضا مجموعة من كبار النجوم مثل فريد شوقى ومحمود مرسى ونعيمة عاكف.
أتوقف عند الفيلمين لأن هناك نقطة بالغة الغموض فى السبب الذى جعل رجل الأمن أو الداخلية يقرر أن يرسل حسن الهلالى إلى القلعة أو السجن الرهيب للأبد، دون أن يكون هناك شرح للموضوع، الموضوع كما نعرف مأخوذ من رواية فرنسية باسم «الكونت دى مونت خرستو» تأليف ألكسندر ديماس، عام 1905 والرواية تدور حول البحار الشاب أدموند دانت الذى يعمل فى سفينة التقى قائدها بنابليون بونابرت واستلم منه رسالة كى يقوم بتسليمها إلى أعوانه فى ميناء مارسيليا ولكن هذا القبطان مات فى السفينة قبل أن تصل إلى الشاطئ واستلم البحار الشاب الرسالة كى يسلمها إلى الشخص المنشود.. وتحكى الرواية أن أدموند قد اكتسب من حوله دون أن يدرى عداءات من أشخاص، إذا أزاحوه من طريقهم سوف يحصلون على مكاسب، منهم بحار سوف يكون القبطان الجديد، ومنهم شاب يريد أن يتزوج من الفتاة مرسيدس التى هى خطيبة لأدموند، وفى ليلة زفاف أدموند على حبيبته تأتى قوة من الشرطة وتقوم بالقبض على العريس لسؤاله وإعادته بعد قليل، وفى مقر رئيس الشرطة فإن الرجل ما إن يقرأ أوراق الاتهام الموجودة مع أدموند حتى يعلوه الغضب ويرسل به إلى سجن، وهو عبارة عن قلعة فى جزيرة بعيدة للغاية لا عودة منها أبدا.
المجهول فى هذه القصة لم يكشفه أى من سيناريو الفيلمين المصريين، فلماذا قام سراج منير بإرسال حسن الهلالى إلى السجن الرهيب ومعاقبته بلا رحمة، إذن فليس هناك مبرر مقبول عندنا لهذا التصرف الغامض، التفسير موجود فقط فى رواية ألكنسدر ولا يمكن معرفة إلا بقراءتها والسبب هو بكل بساطة أن الشخص الذى يقود التمرد أو ستذهب إليه الأوراق هو شقيق قائد الشرطة، أى أنه بإخفاء أوراق مؤامرة نابليون بالعودة إلى الحكم فيه إنقاذ لعائلة ضابط الشرطة، وبالتالى تم وضع المتهم البرىء فى السجن لسنوات العمر إلا أن حسن الهلالى مثلما فعل أدموند سوف يهرب بعد أربعة عشر عاما من السجن وإن اختلفت طريقة الهروب، ففى الرواية الفرنسية فإن السجن يطل مباشرة إلى البحر ولأن أدموند بحار فقد أمكنه السباحة حتى تمت له النجاة، أما حسن الهلالى فإنه هرب بشكل ساذج جدا عن طريق مبارزة الحراس والفرار للاستيلاء على الحصان وكأنه مجهز تماما لمثل هذا العمل أمير الانتقام.
كما أن المسلسلات التى تناولت هذه الرواية عالميا سواء فى أمريكا أو فرنسا لم تكن على المستوى المطلوب، وهذا دليل قاطع على أن السينما لم تكن قادرة على نقل ما كتبه المؤلف فى الرواية كما حدث فى رواية الكونت دى مونت خرستو الذى تم نقلها إلى عمل سينمائى سواء فى فرنسا أو فى مصر، وفى النهاية علينا أن نقدر للممثلين والمخرجين ما قاموا به من نقل الرواية إلى الجمهور فى الوطن العربى وفى أوروبا وغيرها.